قدم سيبويه إلى بغداد، وناظر الكسائيَّ وأصحابه فلم يظهر عليهم، وتعصّبُوا عليه، وجعلوا للعرب جُعْلاً ليوافقوهم، فتابع الأعراب الكسائيَّ، والمناظرة مشهورة، فظهر عليهم سيبويه بالصّواب، وظهر الكسائيُّ عليه بتركيب الحجة والتّعصب.
فاستُزِلّ سيبويه فخرج وصرف وجهه تلقاء فارس، ولم يعد إلى البصرة، وأقام هناك إلى أنْ مات غمّاً بالذَّرِبِ، ولم يلبث إلاّ يسيراً.
وكانت وفاته في سنة ثمانين ومائة بفارس، في أيّام الرشيد، وقبره في شِيراز.
وقيل: غير ذلك في سنة ومكان وفاته، والصحيح ما أثبته وهو قول الأغلب.
عاش سيبويه – رحمه الله – كما قيل: اثنتين وثلاثين سنةً، ويُقال: إنّه نيّف على الأربعين سنةً، وهو الصحيح.
ولمّا مات سيبويه، قيل ليُونُس: إنّه صنّف كتاباً في ألف ورقةٍ من عِلْم الخليل، فقال: ومتى سمع سيبويه هذا كلَّه من الخليل؟ جيئوني بكتابه، فلمّا نظر فيه رأى كلّ ماحكى، فقال: يجب أن يكون هذا الرّجلُ قد صدق عن الخليل في جميع ماحكاه، كما صدق فيما حكاه عنّي (١) .
المبحث الأول: اختلافهما في باب النّسب، وفيه مطلبان:
المطلب الأوّل: الخلاف بينهما في النّسب إلى: (ظَبْيةٍ، أو دُمْيةٍ، أو فِتْيةٍ) .
الاسم الثلاثي: الذي يُنسب إليه إذا كان آخرُه ياءً، أو واواً، وكان الحرف الذي قبل الياء أو الواو حرفاً صحيحاً ساكناً، إمّا أن يكون مختوماً بهاء التأنيث، أو لايكون.
(١) ... اعتمدت في التعريف بسيبويه على المصادر والمراجع التالية: المعارف ٥٤٤، ومراتب النّحويين ١٠٦، وأخبار النّحويين البصريين ٦٣ - ٦٥، وطبقات النّحويين ٦٦-٧٢، والفهرست ٧٤، ونزهة الألباء ٥٤ - ٥٨، وإنباه الرواة٢/٣٤٦-٣٦٠، ومعجم الأدباء ١٦/١١٤-١٢٧، وإشارة التعيين ٢٤٢-٢٤٥، وسير أعلام النبلاء ٨/٣٥١، ٣٥٢ وغاية النهاية ١/٦٠٢، وبغية الوعاة ٢/٢٢٩، ٢٣٠، وشذرات الذهب ١/٢٥٢-٢٥٥، وتاريخ الأدب العربيّ لفروخ ٢/١٢٠، ١٢١.