هو أبو بِشْر عمرو بن عثمان بن قَنْبر، إمام النّحويين والبصريين، وحجة العرب، مولى بني الحارث بن كعب بن عمروٍ، ثمّ مولى آل الرَّبيع بن زيادٍ الحارثيّ؛ وسيبويه لقبٌ، ومعناه: رائحةُ التّفاح.
ولد سيبويه بقريةٍ من قرى شِيراز، يقال لها: البيضاء من أرض فارس، نحو سنة (١٤٠هـ) .
ثم قدم إلى البصرة ونشأ فيها، ورغب في طلب الفقه والحديث، فالتحق بحلقة حمّاد بن سلمه، فبينا هو يستملي على حمادٍ لحن، فعاتبه حمادٌ على لحنه، فقال سيبويه: لاجرم لأطلبنّ علماً لا تُلحِّنُنِي فيه أبداً، ثمّ مضى ولزم الخليل فبرع، وهو أثْبتُ من أخذ عنه.
وأخذ – أيضاً – النّحو واللغة والأدب عن يُونس بن حبيب، وأبي الخطاب الأخفش الكبير، وعيسى بن عمر الثقفيّ، وأبي زيدٍ الأنصاريّ، وغيرهم.
كان أعلم النّاس بالنّحو بعد الخليل، ولم يكن في البصرة ولا في غيرها مثلُه، ساد أهل عصره وفاقهم، فهو إِمامُ أهل البصرة بلا مدافع، ورئيس طبقته بلا منازع.
كان فيه مع فَرْط ذكائه حُبسةٌ في لسانه، وانطلاقٌ في قلمه.
كان شاباًّ نظيفاً جميلاً، قد تعلّق من كلّ علمٍ بسببٍ، وضرب بسهمٍ في كلِّ أدبٍ، مع حداثة سِنّه، وبراعته في النّحو.
كان الخليل يُحبّه ويُجلُّه، ولا يَملُّ من لقائه، فكان يقول له إذا أَقْبل عليه سيبويه: مرحباً بزائرٍ لايُملّ، وما سُمع الخليل يقولُها لغيره.
أمّا كتابه الذي صنّفه فلم يسبقه أحدٌ إلى مثله، ولا لحقه أحدٌ من بعده، سمّاه النّاس "قرآن النّحو"، ولقّبه المبرد بالبحر استعظاماً له، واستصعاباً لما فيه.
وكان المازنيّ يقول: من أراد أن يعمل كتاباً في النّحو بعد كتاب سيبويه فليستحي.
ونجم من أصحاب سيبويه ممّن أخذ عنه أبو الحسن الأخفش سعيد بن مَسْعدة، وأبو عليّ محمد بن المستنير قُطْرب.