للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: تحقيق الهمزة الأولى، وتخفيف الثانية بإسقاطها، وهو مذهب الخليل بن أحمد من النّحويين، وبه قرأ ابن كثيرٍ في رواية قُنبل قوله: (هؤلاءِ انْ) ، بهمز الأولى وتخفيف الثانية؛ وهو قول نافعٍ في رواية وَرْش، نصّ على ذلك ابن مجاهد (١) ، وهو مخالفٌ لما أثبته جمهور القُرّاء؛ إذْ أثبتوا عنهما تحقيق الهمزة الأولى كالخليل، وتسهيل الهمزة الثانية لاتخفيفها، واختلفوا في صور التسهيل عنهما، على ماهو مبيّن في كتب القراءات.

وما ذهب إليه الخليل هي قراءة نافعٍ، وابن كثيرٍ، وأبي عمروٍ، وأبي جعفرٍ، ورُويس عن يعقوب، في الهمزتين المختلفتين في الحركة – أي الأقسام الخمسة من الضرب الثاني -، فوافقوا الخليل في تحقيق الهمزة الأولى، وخالفوه في عدم حذف الثانية، بل سهّلوها على ماتقتضيه مقاييسُ العربية من وجوه التسهيل (٢) .

وإلى مذهب الخليل أشار سيبويه بقوله: (ومنهم من يُحقّق الأولى ويخفّف الآخرة، سمعنا ذلك من العرب، وهو قولك: "فقد جاءَ اشْراطها"، و"يازكريّاءُ انّا"، وكان الخليل يستحبُّ هذا القول) (٣) .

الرابع: تخفيف الهمزتين جميعاً، وهذا المذهب لم يقرأ به أحدٌ من القُرّاء، وإنّما هو لغة أهل الحجاز، قال سيبويه: (وأمّا أهل الحجاز فيخفّفون الهمزتين؛ لأنّه لو لم تكن إلاّ واحدة لخُففّت) .

وقال: (وأمّا أهل الحجاز فيقولون: "اقرا آيةً"؛ لأنّ أهل الحجاز يخفّفونهما جميعاً، يجعلون همزة "اقْرأْ" ألفاً ساكنة، ويخفّفون همزة "آية"، ألا ترى أنْ لو لم تكن إلاّ همزة واحدة خفّفوها، فكأنّه قال: "اقرا" ثم جاء "بآية"، ونحوها) (٤) .


(١) ينظر السبعة ١٤٠.
(٢) مفهوم التسهيل وضّحه الدّاني في التيسير ٣٤؛ ووجوه التسهيل بيّنها ابن الجزري في النشر ١/٣٨٨.
(٣) ينظر مصادر هامش "٣٣" السابق.
(٤) ينظر الكتاب ٣/٥٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>