للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكلِّ مذهبٍ من المذاهب الأربعة السابقة حجّتُه وعلّته (١) .

واعلم أنّ ماسبق ذكره يختصّ بالخلاف بين القُرّاء والنّحويين عامّة، أمّا الخلاف بين سيبويه وشيخه الخليل في المسألة، فيتلخص فيما يلي:

أولاً: مذهب أبي عمروٍ في التقاء الهمزتين في كلمتين، هو حذف الأولى وتحقيق الثانية.

ثانياً: مذهب الخليل هو تحقيق الأولى وحذف الهمزة الثانية.

ثالثاً: مذهب سيبويه جواز الوجهين، فقال – بعد ذكره لمذهب أبي عمروٍ والخليل -: (وكلٌّ عربيٌّ) .

وأكّد مذهبه بقوله: (وتقول: "اقْرا آيةً" في قول من خفّف الأولى؛ لأنّ الهمزة الساكنة أبداً إذا خُفّفت أُبدل مكانَها الحرفُ الذي منه حركةُ ماقبلها.

ومن حقّق الأُولى، قال: "اقْرَ آيةً"؛ لأنّك خفّفتَ همزةً متحركة قبلها حرفٌ ساكنٌ، فحذفتها وألقيت حركتها على الساكن الذي قبلها) (٢) .

إذاً: خلاصة الخلاف بينهما أن الخليل يرى تخفيف الثانية على كلّ حالٍ، وأمّا سيبويه فيرى جواز الوجهين، أعني: تخفيف الأولى وتحقيق الهمزة الثانية، ويرى العكس، وهو ماعبّر عنه بقوله: (وكلٌّ عربيٌّ) ، وبقوله: (واعلم أنّ الهمزتين إذا التقتا في كلمةٍ واحدةٍ لم يكن بُدُّ من بدل الآخرِة، ولا تُخفّف؛ لأنّهما إذا كانتا في حرف واحد لزم التقاءُ الهمزتين الحرفَ.

وإذا كانت الهمزتان في كلمتين، فإنّ كلّ واحدة منهما قد تجرى في الكلام، ولا تَلزَق بهمزتها همزةٌ، فلما كانتا لا تُفارِقان الكلمة كانتا أثقل، فأبدلوا من إحداهما، ولم يجعلوهما في الاسم الواحد والكلمة الواحدة بمنزلتهما في كلمتين) (٣) .


(١) ينظر الكتاب ٣/٥٤٩، والمقتضب ١/٢٩٥، والكشف ١/٧٤، وشرح الهداية ١/٤٦، وشرح الشافية ٣/٦٥.
(٢) ينظر الكتاب ٣/٥٤٩، ٥٥٠.
(٣) ينظر الكتاب ٣/٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>