للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رجّح المبرد مذهب الخليل، فقال: (وكان الخليل يرى تخفيف الثانية على كلّ حالٍ، ويقول: لأنّ البدل لايلزم إلاّ الثانية، وذلك لأنّ الأُولى يُلفظ بها، ولا مانع لها، والثانية تمتنع من التحقيق من أجل الأُولى التي قد ثبتت في اللفظ، وقولُ الخليل أقيسُ، وأكثر النّحويّين عليه) (١) .

المطلب الثاني: الخلاف بينهما في الهمز والنّبر، أهما شيءٌ واحدٌ، أم بينهما فرقٌ؟

اختلف سيبويه مع الخليل في الهمز والنّبر، أهما شيءٌ واحدٌ، أم بينهما فرقٌ؟

فذهب الخليل إلى أنَّ النّبر دون الهمز، وذّلك أنّ الهمزة إذا خُفّفت ذهب بذلك معظم صوتها، وخفّ النّطق بها، فتصير نبْرةً، أي: همزة غير محققة؛ وهو قول بعض القراء والنّحويّين.

قال الخليل: (وأمّا الهمزة فمخرجُها من أقصى الحلق مهتوتةً مضغوطةً، فإذا رُفِّه عنها لانت) (٢) .

وقد وضّح أبو عمروٍ الدانيّ الفرق بين الهمز والنبر، وكذا مذهب الخليل وغيره من القُرّاء، فقال: (وقال – أي الخزاعي فيما رواه عن ابن كثيرٍ – وكان يقرأ "شعائر الله" بنبرة، قال: والنبرة عندهم دون الهمز، قال: وكذلك" خزائن، وبصائر" ونحوها، وقال ابن مجاهدٍ عن الأصبهانيّ عن أصحابه عن ورْشٍ عن نافعٍ في حروفٍ من الهمز منبورة، قال: والنّبرةُ عندهم همزةٌ ضعيفةٌ، كأنّها همزةٌ بين بين وليست بهمزةٍ ثابتةٍ، فوافق الخزاعيَّ فيما حكاه من كونها كذلك.

وقال الخليل بن أحمد: النبرة ألطفُ وألينُ وأحسنُ من الهمزة، وهذا أيضاً موافق لما حكيناه) (٣) .


(١) ينظر المقتضب ١/٢٩٥، ٢٩٦.
(٢) ينظر العين ١/٥٢، ومقدمة تهذيب اللغة ٥٩.
(٣) ينظر جامع البيان في القراءات السبع ١/١١٣/أ، والتبيان في شرح مورد الظمآن ٤٦/ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>