للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل ذلك بيّن سيبويه مذهبه، فقال: (فهذه الحروف تجري مجرى: قال يقول، وباع يبيع، وخاف يخاف، وهاب يهاب، إلاّ أنّك تحوّل اللام ياءً إذا همزت العين، وذلك قولك: جاءٍ، كما ترى همزت العين التي همزت في "بائع" واللام مهموزه، فالتقت همزتان، ولم تكن لتجعل اللام بين بين من قِبل أنّهما في كلمة واحدةٍ، وأنّهما لايفترقان، فصار بمنزلة مايلزمه الإدغام؛ لأنّه في كلمة واحدة، وأنّ التضعيف لايفارقه) .

وفي نهاية المسألة أكّد مذهبه، فقال: (فهذا تقويةٌ لمن زعم أنّ الهمزة في "جاءٍ" هي الهمزة التي تُبدل من العين) ثم قال: (وكلا القولين حسنٌ جميلٌ) (١) .

قال ابن عقيل: (وهذا يقتضي إجازته كُلاًّ منهما، لكنّ الأوّلَ هو الأرجح؛ لأنّ من قاعدته أن كثرة العمل مع الجري على القواعد، أولى من قلبه مع المخالفة) (٢) .

وقد اختلف النّحاة في الأخذ بأحد المذهبين، فذهب ابن مالك، والرضيّ إلى ترجيح مذهب سيبويه في عدم القلب، قال ابن مالك: (وليس "جاءٍ" و"خطايا" مقلوبين خلافاً للخليل) (٣) .

وذهب أبو عليّ الفارسيّ، وابن يعيش، وابن عقيل إلى ترجيح مذهب الخليل، وهو القول بالقلب المكانيّ (٤) .

وذهب بعض النّحويين – وهو الراجح - إلى أنّ كلا القولين حسنٌ جميلٌ، كما ذكر سيبويه في نهاية كلامه، ومن هؤلاء: المبرد، وابن جنى، وابن عصفور، وأبو حيّان، وغيرهم (٥) .

المطلب الثالث: الخلاف بينهما في جمع اسم الفاعل ك"جائية" على "فواعل".


(١) ينظر الكتاب ٤/٣٧٦، ٣٧٧، ٣٧٨.
(٢) ينظر المساعد ٤/٢١٣.
(٣) ينظر التسهيل ٣١٦، وانظر شرح الشافية ١/٢٥.
(٤) ينظر التكملة ٥٩٦، وابن يعيش ٩/١١٧، والمساعد ٤/٢١٣.
(٥) ينظر المقتضب ٢/٢٥٤، والمنصف ٢/٥٣، والممتع ٢/٥١٠، والارتشاف ١/٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>