اعلم أنّ سيبويه اختلف مع شيخه الخليل في اسم الفاعل من الأجوف الثلاثيّ المهموز اللام – كما بيّنته سابقاً – كما أنّهما اختلفا – أيضاً – في جمعه، أي: اسم الفاعل على "فَواعل"، نحو: جَواءٍ، وسَواءٍ، جَمْعي: جائية، وسائية.
فمذهب الخليل أنّ أصل "جواءٍ": "جوايئٌ"، ثمّ قَلب اللام في موضع العين؛ لئلاّ تلتقي همزتان، فصار "جوائيٌ"، على وزن (فوالع) ، فالهمزة التي تلي الألف إنّما هي لام الجمع، قُدّمت على العين التي كانت تُهمز إذا كانت إلى جانب الألف، ثمّ عُومل الجمع معاملة "قاضٍ"، فصار: جواءٍ، على وزن (فوالٍ) .
أمّا سيبويه فلا يرى القلب وإن أدّى ذلك إلى اجتماع همزتين في الطرف، وهو ما احترز منه الخليل، وحَمَلَه على ارتكاب وجوب القلب؛ لأنّ ترْكَه يُؤدّي إلى اجتماع إعلالين كما هو مذهب سيبويه، هما: قلب العين همزةً، وقلب الهمزة التي هي لامٌ ياءً، ولا يلزم ذلك في قول الخليل.
فأصل "جواءٍ" في مذهب سيبويه: "جوايئٌ"، فأُبدلت الياء التي هي عين الجمع همزة؛ لوقوعها بعد الألف، فصارت "جوائئ"، فاجتمعت همزتان فأُبدلت الهمزة الثانية ياءً؛ لانكسار ماقبلها، فصارت "جوائي"، على وزن (فواعل) ، ثمّ عُومل الجمع معاملة "قاضٍ"، فصار: جواءٍ، على وزن (فواعٍ) ، ولا قلب فيه، قال سيبويه:(وإذا قلت: (فواعل) من "جئت" قلت: "جَواءٍ"، كما تقول من:"شأوت: شَواءٍ"، فتجريها في الجمع على حدّ ما كانت عليه في الواحد؛ لأنّك أَجريتَ واحدها مجرى الواحد من "شأوت") (١) .