للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرضيّ: (وليس شيءٌ من القلب قياسيّاً إلاّ ما ادعى الخليل فيما أدّى ترْك القلب إلى اجتماع همزتين ... ، فإنّه عنده قياسيٌّ ... ، وليس ما ذهب إليه الخليل بمتينٍ، وذلك لأنّه إنّما يُحترز عن مكروهٍ إذا خيف ثباتُه وبقاؤه، أمّا إذا أدّى الأمر إلى مكروهٍ وهناك سببٌ لزواله، فلا يجب الاحتراز من الأداء إليه، ... وإنّما دعا الخليلَ إلى ارتكاب وجوب القلب في مثله، أداء ترْك القلب إلى إعلالين كما هو مذهب سيبويه، وكثرةُ القلب في الأجوف الصحيح اللام، نحو: شاكٍ وشواعٍ، في: شائك وشوائع، فلمّا رأى فرارَهم من الأداء إلى همزةٍ في بعض المواضع، أوجب الفرار ممّا يؤدي إلى همزتين) (١) .

الوقفة الثانية: توسّع الكوفيّون في إطلاق القلب على كلّ كلمتين اتحد معناهما، ووُجد بينهما خلافٌ في تقديم بعض الحروف على بعضٍ، مع وجود المصدرين لكلٍّ من الفعلين، نحو: جَبَذ، وجذب.

أمّا البصريّون فلا يرون القلب إن وُجد المصدران لكلّ واحدٍ من الفعلين، بل هما أصلان، وليس أحدهما مقلوباً من الآخر (٢) .

قال سيبويه: (وأمّا جَذَبت وجَبَذت ونحوه فليس فيه قلبٌ، وكلّ واحدٍ منهما على حِدَته؛ لأنّ ذلك يطّرد فيهما في كلّ معنىً، ويتصرّف الفعل فيه، وليس هذا بمنزلة مالا يطّرد ممّا إذا قلبتَ حروفه عمّا تكلّموا به، وجدتَ لفظه لفظَ ماهو في معناه من فعلٍ، أو واحدٍ هو الأصل الذي ينبغي أن يكون ذلك داخلاً عليه كدخول الزوائد) (٣) .


(١) ينظر شرح الشافية ١/٢٤، ٢٥، وانظر الجاربردي وحاشية ابن جماعة ٢٤، ٣١٠، والمغنى ٣٩، وتصريف الأفعال ٦٠.
(٢) ينظر الارتشاف ١/٣٣٦، والمزهر ١/٤٨١، والمغني ٣٣.
(٣) ينظر الكتاب ٤/٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>