أَحْمدُ الله حمد الشاكرين، وأصلّي وأسلّم على سيّدنا محمد سيّد الأولين والآخرين، وبعد:
فهذه خلاصةٌ موجزةٌ أُورد فيها خلاصة البحث وأهم نتائجه، فأقول:
أولاً:(الكتاب) لسيبويه أعظم كتاب أُلّف في فنّه، اشتمل على علميّ النّحو والصرف، وأحاط بجميع أجزائهما، ولم يشِذّ عنه من أصول فنّه إلاّ مالا خَطر له، سمّاه النّاس "قرآن النّحو"، ولقّبوه بالبحر استعظاماً له، واستصعاباً لما فيه.
جَمَع فيه سيبويه ماتفرّق من أقوال من تقدمه من العلماء، فكان كما قيل: لم يسبقه أحدٌ إلى مثله، ولا لحقه أحدٌ من بعده.
ثانياً: عقد سيبويه أبواب (الكتاب) بلفظه ولفظ الخليل، وكان كثيراً ما يحكي عنه بقوله:"وسألته" أو: "قال".
فكان (الكتاب) سجلاًّ حافلاً لآراء الخليل في النّحو والصرف؛ وافقه سيبويه في معظم ماحكاه، أو سأله عنه، وخالفه في بعضٍ منها، إلاّ أنّ الخلاف بينهما فرعٌ، والاتفاق هو الأصل في معظم المسائل.
ثالثاً: اختلف الخليل مع سيبويه في النّسب إلى (ظَبْيةٍ، ودُمْيةٍ، وفِتْيةٍ) ، فسيبويه ينسب إليها بدون تغييرٍ، والخليل يجيز الوجهين: ماذهب إليه سيبويه، ويجيز مذهب يُونُس وهو إبدال الياء واواً، وهو مذهب الجمهور.
رابعاً: أجاز سيبويه في النّسب إلى "رَايةٍ" ثلاثة أوجهٍ، وأجاز الخليل فيها قلب الياء همزة، وهو الأجود، وعليه الجمهور.
خامساً: اختلف الخليل مع أبي عمروٍ وسيبويه في الهمزتين المتحركتين إذا اجتمعتا في كلمتين، فالخليل يرى تحقيق الأولى وحذف الثانية، أما أبو عمروٍ فيرى عكس الخليل، وذهب سيبويه إلى جواز الوجهين، ورجّح المبرد مذهب الخليل.
سادساً: ذهب الخليل إلى أنّ النّبر دون الهمز، وذهب سيبويه إلى أنّهما مترادفان أي: كلاهما بمعنى واحدٍ، وهو الراجح، وهو قول الجمهور.
سابعاً: اختلف سيبويه مع الخليل في "خطايا" ونحوها، فذهب الخليل إلى القول بالقلب المكانيّ فيها؛ لأنّ تركه يؤدي إلى اجتماع همزتين.