للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فالجزم بلن لغةٌ لبعض العرب كما ذكر اللِّحياني (١) ، ولكنها لغة ضعيفة، لا ترقى لأن تتخذ قاعدة، وشواهدها لم تسلم من الاعتراض عليها كما رأينا ٠

كما لا يمكن من خلال الشواهد التي سيقت عزوها لقبيلة بعينها، لأن الشاهد الأول لخزاعي، والثاني لغطفاني، والثالث لأعرابي دون تخصيص، والرابع لقرشي ٠

قال السهيلي عن لن: ((كان ينبغي أن تكون جازمة؛ لأنها حرف نفي مختص بالأفعال، فوجب أن يكون إعرابه الجزم الذي هو نفي الحركة وانقطاع الصوت ليتطابق اللفظ والمعنىكما تقدم في باب الإعراب)) (٢)

المبحث الثاني: إفادة لن الدعاء:

لايُعرف خلاف بين النحاة في جواز الدعاء ب (لا) النافية على المخاطب، أوعلىالغائب، أما الدعاء على النفس فقد منعه طائفة من النحاة منهم أبو حيان (٣) ، وأجازه ابن عصفور، وابن هشام واستدلَّ الأخير بقول الشاعر:

لن تزالوا كذلكم ثم لا زل تُ لكم خالداً خلود الجبال

بضمير المتكلم في (زلتُ) وبضمير المخاطب في (لكم) وستأتي مناقشة هذا البيت

أما الدعاء ب (لن) فمحل نزاع عند النحاة؛ إذ نقل ابن السراج عن قوم تجويزه فقال ((وقال قوم يجوز الدعاء بلن مثل قوله (فلن أكون ظهيراً للمجرمين ((٤) وقال الشاعر:

لن تزالوا كذلكم ثم لا زل تَ لهم خالداً خلود الجبال (٥)

والدعاء بلن غير معروف، إنما الأصل ما ذكرنا أن تجيء على لفظ الأمر والنهي، ولكنه قد يقصد بها الدعاء إذا دلّت الحال على ذلك)) (٦)

وفسَّر من أجاز الدعاء بلن في الآية الكريمة بأن المعنى: (رب لا تجعلني أكون ظهيراً للمجرمين)


(١) ينظر سفر السعادة: ٥٦٥
(٢) نتائج الفكر: ١٣٠ ٠
(٣) ينظر رأيه في شرح أبيات المغني: ٥/١٥٦ ٠
(٤) القصص: ١٧ ٠
(٥) البيت من الخفيف للأعشى وهوآخر بيت ضمن قصيدته التي يمدح فيها الأسود ابن المنذر اللخمي ومطلعها:
ما بكاء الكبير بالأطلال وسؤالي فهل ترد سؤالي
وهو في ديوانه ٢٩٦ ٠
(٦) الأصول: ٢/١٧١ ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>