للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمله قول الآخر:

لا درَّ درِّي إن أطعمت نازلكم قِرْفَ الحَتِيِّ وعندي البُرُّ مكنوز (١)

المبحث الثالث: الفصل بين لن ومعمولها

الأصل في الإعمال للأفعال؛ فلهذا تعمل متقدمة، ومتأخرة، ومذكورة ومحذوفة، ومتصلة بمعمولاتها، ومفصولة عنها ٠

أما الحروف فهي عوامل ضعيفة لاتعمل في متقدم أبداً، ولا يفصل بينها وبين ومعمولاتها بأجنبي في سعة الكلام، فإن فصل بينها وبين معمولاتها بأجنبي أهملت ك (إذن) الداخلة على المضارع نحو إذن زيد يكرمُك بإهمال إذن بسبب الفصل بالأجنبي٠

ولن حرف ينصب المضارع بنفسه، ولا يعمل في متقدم أبداً إذ لا يقال يقومَ لن زيد، ولا يفصل بينه وبين معموله فلا يقال: لن زيدٌ يقومَ ولكن العرب يتوسعون في الظرف والجار والمجرور والقسم فيفصلون بهن بين الحرف ومعموله مع بقاء الإعمال سمع من العرب قولهم:

فلا تلحني فيها فإن بحبها أخاك مصاب القلب جَمٌّ بلابلُهْ (٢)

إذ فصل بين إن واسمها وخبرها بالجار والمجرور الذي هو معمول الخبر، والأصل: فإن أخاك مصاب بحبها، كما سمع من العرب قولهم:

إذن والله نرميَهم بحرب تشيب الطفل من قبل المشيب (٣)


(١) البيت من البسيط للمتنخل الهذلي في أشعار الهذليين:١٢٦٣، ولأبي ذؤيب في الحيوان: ٥/٢٨٥، وهو من شواهد سيبويه:٢/٨٩ ٠
والحَتِيّ: المُقْل وهو ثمر شجر الدَّوْم، وقِرْفُه: قشره، وكان العرب يجعلون من قشر المُقْلِ سويقاً، والشاعر هنا يذكر نزوله بقوم فلم يقروه، فقال البيت مفتخراً بالجود والكرم وأنه لن يبخل على أضيافه ولن يقدم لهم رديء الطعام والبر عنده موجود ٠
(٢) البيت من الطويل وهو من شواهد سيبويه غير المعزوة في الكتاب: ٢/١٣٣، ولم ينسبه من أتى بعده، وأهمله د/رمضان عبد التواب في بحثه بحوث ومقالات في اللغة / أسطورة الأبيات الخمسين في كتب سيبويه،
(٣) البيت من الوافر وهو لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه: ٣٧١ ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>