للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففصل بين إذن ومعمولها بالقسم، وأعملها فنصبت نرميهم

وسمع من العرب في ضرورة الشعر قولهم:

لن ما رأيتُ أبا يزيد مقاتلاً أدعَ القتال وأشهدَ الهيجاء (١)

إذ المعنى لن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلاً، ف (ما) مصدرية ظرفية تسبك مع ما بعدها بمصدر أي لن أدع القتال مدة رؤيتي أبا يزيد مقاتلاً قال ابن جني: ((وقد شُبِّه الجازم بالجارّ ففصل بينهما كما فصل بين الجارّ والمجرور؛ وأنشدنا لذي الرمة:

فأضحت مغانيها قفاراً رسومها كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهلِ (٢)

وجاء هذا في ناصب الفعل ٠أخبرنا محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى بقول الشاعر:

لمَّا رأيت أبا يزيد مقاتلا أدعَ القتال ٠٠٠

أي لن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلاً، كما أراد الأول: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش، وكأنه شبّه لن بأنَّ فكما جاز الفصل بين أنّ واسمها بالظرف في نحو قولك:بلغني أنّ في الدار زيداً، كذلك شبَّه لن مع الضرورة بها ففصل بينها وبين منصوبها بالظرف الذي هو:ما رأيت أبا يزيد أي مدة رؤيتي)) (٣)

وقال ابن عصفور فيما يخص ضرورة الفصل بين المتلازمين: ((ومنه الفصل بين الحروف التي لا يليها إلا الفعل في سعة الكلام وبين الفعل نحو قول الشاعر:

لن - ما رأيت أبا يزيد مقاتلا- أدعَ القتال وأشهدَ الهيجاء

يريد لن أدع القتال وأشهد الهيجاء ما رأيت أبا يزيد مقاتلاً ففصل بين لن والفعل المتصل بها)) (٤)

أما تقديم معمول فعلها عليها فجائز في السعة قال الشاعر:


(١) البيت من الكامل دون عزو وهو في الخصائص:٢/٤١١، والمقرب: ١/٢٦٢، ومغني اللبيب: ٣٧٣ ٠
والفعل أدع: منصوب بلن أي لن أدع القتال، وأشهد منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد واو العطف والمصدر معطوف على القتال والمعنى لن أدع القتال وشهود الهيحاء ٠
(٢) البيت من الطويل وهو في ديوانه: ١٤٦٥ ٠، ورواية الديوان: مبانيها، بلادها
(٣) الخصائص: ٢/٤١٠ ٠
(٤) الضرائر: ٢٠١ ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>