للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسب ابن مالك وأبو حيّان وغيرهما للزمخشري (١)


(١) كان الزمخشري رأساً في الاعتزال، مجاهراً به، داعياً إليه، قال ياقوتٌ في ترجمته: ١٩/١٢٦: ((كان إماماً في التفسير والنحو واللغة والأدب، واسع العلم كبير الفضل، متفنناً في علوم شتَّى، معتزلي المذهب متجاهراً بذلك))
وحكى ابنُ خلكان في وفيات الأعيان: ٥/١٧٠: عن الزمخشري أنه كان معتزلياً متظاهراً به حتى نُقِلَ عنه أنه إذا قصد صاحباً له وأستأذن عليه في الدخول يقول لمن يأخذ له الإذن قل له أبو القاسم المعتزلي بالباب، وذكر أنه أوّل ما صنف كتابه الكشاف جعل خطبته قوله: (الحمد لله الذي خلق القرآن) فقيل له:إنه متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس، ولا يرغب فيه أحد فغيره بقوله: (الحمد لله الذي جعل القرآن) وجعل عندهم بمعنى خلق قال ابن خلكان: ((ورأيت في كثير من النسخ: (الحمد لله الذي أنزل القرآن) وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المصنِّف)) ، وهو ما جعل المفسرين يحتاطون من أقواله حتى إن ابن المنيِّر استخرج اعتزاليات من الكشاف بالمناقيش، وكان سبباً في انحراف ابن مالك وأبي حيان عنه، وكانا يصفانه بالنحوي الصغير، وكتابه المفصل بالمحتقر، مع أن أبا حيّان استلَّ جواهر الكشاف في البحر المحيط، وإنك لتجد الصحائف المتعددة في البحر المحيط مأخوذة بنصها من الكشاف، وكثيراً ما يقع أبو حيّان في مزالق الزمخشري الاعتزالية، وأشرت فيما مضى إلى أن الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة -رحمه الله- قد أحصى عليه مواضع قال فيها أبو حيّان بألفاظ الزمخشري الموحية بتأبيد النفي بلن متابعة للزمخشري وهو الذي يحذِّر منه، وكان ابن مالك يقول عن الزمخشري:إنه نحوي صغير، روي الصفدي في الوافي بالوفيات: ٣/٣٦٣، عن ابن مالك قوله عن الشيخ جمال الدين بن الحاجب: ((إنه أخذ نحوه من صاحب المفصل، وصاحب المفصل نحوه صُغيِّرات ثم قال الصفدي، وناهيك بمن يقول هذا في حق الزمخشري)) ونقل هذه العبارة عن الصفدي صاحب نفح الطيب: ٢/٢٢٥، والسيوطي بلفظ: ((وصاحب المفصل نحويٌّ صغير)) بغية الوعاة:١/١٣٤ ٠
ويقول السيوطي في الأشباه والنظائر: ٥/٢٧: ((قال الشيخ تاج الدين بن مكتوم في تذكرته:أجاز الزمخشري وصف كم الخبرية، وجعل من ذلك قوله تعالى: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورئيا (وقال: (أحسنُ أثاثاً (في موضع النصب صفة ل (كم) ذكر ذلك في الكشاف وقد نص الشَّلَوْبين في حواشي المفصل، وابن عصفور في شرح الجمل الكبير على أن كم الخبرية لا توصف، وقلت لشيخنا الأستاذ أبي حيان: قولهما معارِض الزمخشري فردّ ذلك عليّ وقال: أصحابنا يقولون:إن الزمخشري غير نحوي، ولا يلتفتون إليه، ولا إلى خلافه في النحو يعني المواضع التي خالف فيها، وانفرد بها، وكتابه المفصل عندهم محتقر لا يُشتغل به، ولا يُنظر إليه إلا على وجه النقص له والحط عليه، وأنشدني لبعض الأندلسيين:
ما يقول الزمخشري عند عمرو بن قنبر
والخليل بن أحمدٍ والفتى عبد الاكبر
لم يزدنا زيادة غيرتبديل الاسطر
وسوى اسمه الذي نصف مجموعه خري))
ينظر رأي الزمحشري في هذه المسألة الكشاف::- ٢/٥٢١ -، وينظر رد أبي حيان في البحر ٧/٢٩٠ دون استنقاص لشخص الزمخشري كما ورد في تذكرة ابن مكتوم ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>