للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأن ابن كثير في استشكاله هذا يرى تأبيد النفي بلن؛ لأنه علل وجه الاستشكال بأن لن (موضوعة لنفي التأبيد) أي لتأبيد النفي، إذ لو كان على حسب عبارته (نفي التأبيد) لم يكن هناك إشكال، فأهل السنة -ومنهم ابن كثير - يرون أنها لا تفيد تأبيداً ٠

وحاول الزركشي الجمع بين الأقوال المتعارضة في مسألة إفادتها التأبيد من عدمه، إذ يرى أن التأبيد لا يدلُّ على الدوام فقال: ((وأما التأبيد فلا يدل على الدوام تقول: زيد يصوم أبداً، ويصلي أبداً، وبهذا يبطل تعلق المعتزلة بأن لن تدل على امتناع الرؤية، ولو نفى بلا لكان لهم فيه متعلق)) (١) ، وقال أيضاً: ((وليس معناها النفي على التأبيد خلافاً لصاحب الأنموذج بل النفي مستمر في المستقبل إلا أن يطرأ ما يزيله)) (٢)

من خلال النصوص السابقة يمكننا القول إن النحاة قد انقسموا في مسألة تأبيد النفي بلن إلى مذهبين:

أحدهما: وعليه ابن مالك وأبو حيان أن لن لا تقتضي تأبيد النفي إطلاقاً سواء أقيِّد منفيها بالأبد أم لم يقيد ٠

والثاني: أن لن تفيد تأبيد النفي بذاتها، ولكنهم خصُّوا الأبد في الدنيا فقط دون الآخرة، ومنهم ابن عطية، وابن يعيش، والزركشي وحفيد ابن هشام وغيرهم

المبحث الثالث: لن عند أصحاب المعاني:


(١) البرهان: ٤/٣٨٨ ٠
(٢) المرجع السابق: ٤/٣٨٧ ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>