للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبت طائفة من أصحاب المعاني إلى أن (لن) تنفي الزمن القريب فقط، ولا يمتدُّ زمن منفيها؛ وعللوا ذلك بأن لها نصيباً من حروفها؛ إذ الحرف الأخير فيها نون؛ وهو مقطع أي: حرف صامت فكان لها نصيب منه، أما أختها في النفي (لا) فهي تنفي الزمن القريب والبعيد على السواء؛ وذلك لأن الحرف الأخير منها ألف؛ وهو حرف صائت يمتد به النفس عند النطق، فكان لها منه نصيب أيضاً قال السهيلي عن لن: ((ومن خواصها أنها تنفي ما قرب لا يمتدّ معنى النفي فيها كامتداد معنى النفي في حرف (لا) إذا قلت:لا يقوم زيد أبداً ٠٠٠ فحرف (لا) لام بعدها ألف يمتد بها الصوت ما لم يقطعه تضييق النفس، فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها، ولن بعكس ذلك فتأمّله فإنه معنى لطيف، وغرض شريف)) (١) ، وقال الإمام ابن قيِّم الجوزية: ((قلت لشيخنا أبي العباس ابن تيمية قدّس الله روحه: قال ابن جني مكثت برهة إذا ورد عليّ لفظ آخذ معناه من نفس حرفه وصفاته وجرسه وكيفية تركيبه، ثم أكتشفه كما ظننته أو قريباً منه فقال رحمه الله: وهذا كثيراً ما يقع لي، وتأمل حرف (لا) كيف تجدها لاماً بعدها ألف يمتدّ بها الصوت مالم يقطعه ضيق النفس فآذن امتداد لفظها بامتداد معناها، و (لن) بعكس ذلك فتأمله فإنه معنى بديع)) (٢) ٠، وإلى هذا المعنى ذهب عبد الواحد الزَّمْلَكاني (٣)


(١) نتائج الفكر: ١٣٠ ٠
(٢) بدائع الفوائد: ١/٩٥ ٠
(٣) ينظر البحر المحيط: ١/١٧٤، والمساعد: ٣/٦٧، وهمع الهوامع: ٤/٩٥، والأشباه والنظائر: ٥/١٩ ٠
وعبد الواحد الزَّمْلَكاني هو: أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف كمال الدين بن خطيب زَمْلَكى كان عالماً متميِّزاً في علوم عدة، ولي القضاء بصرخد، ودرّس ببعلبك، له معرفة تامة بالمعاني والبيان توفي بدمشق سنة إحدى وخمسين وستمائة ٠

تنظر ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي:٨/ ٣١٦، وبغية الوعاة: ٢/١١٩ ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>