للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهَبَ كَثيرٌ مِنْ النُّحَاةِ إلى جَوازِ فَتْحِ (أَنَّ) ،ومِنْهُم ابنُ الباذِش (١) ،فهو يَرى أَنَّ قَوْلَهُ (أَنَّمَا نُمْلِي لَهُم خَيْرٌ لأنْفُسِهِم) بَدَلٌ مِنْ (الَّذينَ) ،والمَفْعُولُ الثانِي عِنْدَه مَحْذُوفٌ،قالَ (٢) : "ويَكُونُ المَفْعُولُ الثانِي حُذِفَ لِدَلالَةِ الكَلامِ عَليه، ويَكُونُ التَّقْديرُ: ولا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا خَيْرِيَّةُ إِمْلائِنا لَهُم كَائِنَةٌ أو واقِعَةٌ ".

وقد رُدَّ هذا الرَّأيُ بأَنَّ حَذْفَ المَفْعُولِ الثانِي في هذِه الأفْعَالِ لا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدً، قالَ السَّمينُ (٣) : " وهذا الرَّدُّ ليسَ بِشَيءٍ".

إعراب قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلونَ أنفُسَكُمْ ( {البقرة ٨٥}

للعُلَمَاءِ في إعْرابِ هذِه الآيَةِ آراءٌ عِدَّةٌ (٤) ،مِنْها رَأيٌ لأبي الحَسَن بنِ البَاذِش نَقَلَهُ عَنْه تِلْمِيذُه ابنُ عَطِيَّةَ الأندلسي،قال (٥) : "قالَ الأسْتاذُ الأجَلُّ أبو الحَسَن بنُ أحْمَدَ شَيْخُنا: (هؤُلاءِ) رَفْعٌ بالابْتِداءِ، و (أَنْتُم) خَبَرٌ مُقَدَّم، و (تَقْتُلُونَ) حَالٌ بِها تَمَّ المَعْنى،وهي كَانَتْ المَقْصُودَةَ،فهي غَيْرُ مُسْتَغْنى عَنْها،وإنّما جَاءَتْ بَعْدَ أَنْ تَمَّ الكَلامُ في المُسْنَدِ والمُسْنَدِ إليه كَما تَقُولُ: (هذا زَيْدٌ مُنْطَلِقاً) ، وأنتَ قد قَصَدْتَ الإخْبَارَ بانْطِلاقِه لا الإخْبَارَ بأَنَّ هذا هو زَيْدٌ ".


(١) انظر رأي ابن الباذِش والزمخشري وغيرهما في معاني القرآن للفراء ١/٢٤٨، والكشاف١/٤٨٢،وكشف المشكلات١/٢٧٦، والبحر المحيط٣/١٢٢،والدر المصون ٣/٤٩٦.
(٢) البحر المحيط٣/١٢٢.
(٣) الدر المصون٣/ ٤٩٨.
(٤) انظر آراءهم في البحر١/٢٩٠،والدر المصون ١/٤٧٥، والمجيد في إعراب القرآن المجيد ٣٢١،والتبيان ١/٨٦،وكشف المشكلات ١/٦٥،وإعراب القرآن للنحاس ١/١٩٢١٩.
(٥) المحرر الوجيز ١/٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>