للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتنغيم وظيفة أصواتية وتتمثل في انسجام الأصوات، حيث تكتمل فيه النغمات وتتآزر مؤدية المعاني والمقاصد. وقد أشرنا (ص ٩) إلى أن التنغيم أوسع من أن يحصر. ((فالوظيفة الدلالية يمكن رؤيتها لا في اختلاف علو الصوت وانخفاضه فحسب ولكن في اختلاف الترتيب العام لنغمات المقاطع)) (١) . فإذا قلت جاءَ محمدٌ قد تكون إثباتاً وقد تكون تأكيداً لمن قام بالحدث. والمعول عليه هنا النطق واختلاف طرق الأداء. وقد أكد تمام حسان هذا بقوله عندما تحدث عن التنغيم ((وربما كان له وظيفة نحوية هي تحديد الإثبات والنفي في جملة لم تستعمل فيها أداة الاستفهام فتقول لمن يكلمك ولا تراه: أنتَ محمدٌ، مقرراً ذلك ومستفهماً عنه وتختلف طريقة رفع الصوت وخفضه في الإثبات عنها في الاستفهام)) (٢) .

فدلالة التنغيم تظهر في الجمل المنطوقة ((فكم)) تكون استفهامية، وتكون خبرية، والذي يحدد ذلك هو النغمات الصوتية التي يتم بها الأداء. وبيت الشاعر الفرزدق خير مثال على ذلك:

كم عمةًٍ لك يا جرير وخالة

فدعاء قد حلبت عليّ عشاري

إن الفرق بين دلالة الاستفهام والخبر تتضح في النغمة المرتفعة في الاستفهام والمستوية في الخبرية.

كم عمةٍ كم عمةً

مستوية مرتفعة

خبرية استفهامية

يقول سلمان العاني ((إن الفرق الرئيسي بين هاتين الأداتين يوجد في المعنى الذي هو الفرق بين الاستفهام للعلم بما يجهله المتكلم ويعلمه السامع المخاطب، والإخبار الذي يعلمه المتكلم علم اليقين ويجهله السامع أو المخاطب ويوجد كذلك في المبنى وهذا ماثل في الحركة الإعرابية ... وفي النغمة الصوتية التي هي في الإخبار نغمة صوتية مستوية بينما هي ذات نغمة صوتية صاعدة في معنى الاستفهام)) (٣) .


(١) مناهج البحث ص ١٦٤.
(٢) المصدر نفسه ص ١٦٤.
(٣) S. H. Alani, Arabic Phonology , p.٩٢ , ٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>