للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن مظاهر التنغيم أنه يزيل اللبس عن معنى الجملة وبه يدرك الفرق بين المعاني. وهذا يتأتى بإتقان مجموعة طرق الأداء في النطق تتمثل في النبر، والوقف، والسكت والإيقاع، ووصل بعض الكلام، واختلاس بعض الأصوات والاستغناء عن بعضها ومد بعضها لتكون واضحة. هذه الأمور هي علامات بارزة وهي ما يكوّن التنغيم. فالمتكلم قد يهدف بحديثه وتتابع نغمات كلامه العتابَ، أو الاستحثاثَ، أو لفتَ النظرِ، أو الامتعاضَ إلى غير ذلك.

التنغيم وعلماء العربية:

ذكرنا فيما سبق أهمية التنغيم ودوره في تعيين الدلالة. وأوضحنا أن مفهوم التنغيم لا يمكن حصره في درجة الصوت فقط ((Pitch)) ولكنه مجموعة من الاتحادات الصوتية بها يتم تحقيق الأداء الصحيح. كالنبر، والسكت، والوصل ومد بعض الأصوات، واختلاس بعضها التي بها يتم الانسجام ويتحقق التنغيم. وقد فطن إبراهيم أنيس إلى الآثار التي يتركها طول الصوت وقصره وتحقيقه عندما قال ((وانسجام الكلام في نغماته يتطلب طول بعض الأصوات وقصر البعض الآخر)) (١) .

هذه الأمور مجتمعة هي التنغيم. لذا اهتم العلماء بطرق الأداء. ولعلماء القراءات إسهامات متميزة في هذا المجال، فاللحون التي نسمعها من القراء المجودين لقراءات القرآن الكريم هي التنغيم. فالإشبتاع مثل إشباع الفتحة في آخر الآيات الكريمات الآتية:

(وتظنون بالله الظنونا ((٢) .

(يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ((٣) .

(فأصلونا السبيلا ((٤) .


(١) الأصوات اللغوية ص ١٥٦.
(٢) سورة الأحزاب، آية ١٠.
(٣) سورة الأحزاب، آية ٦٦.
(٤) سورة الأحزاب، آية ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>