للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يعنينا بيانه هنا هو أن النطق والأداء يعتمدان على النفس، والوقف استراحة يلجأ إليها المتكلم ليعاود استئناف كلامه فيما بعد. وما بين استمرار الكلام والوقف والاستئناف نغمات وتسلسل صوتي يدركها السامع وتعيها الأذن المدربة؛ لذا فرق العلماء بين الوقف والسكت، ((فالوقف قطع الصوت على الكلمة زمناً يتنفس فيه)) (١) ، وهذا ما ينشأ عنه في رأينا ما يسمى بالنغمة المنحدرة في أغلب الأحيان. بينما السكت ((قطع الصوت زمناً وهو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس)) (٢) وهذا ما ينشأ عنه النغمة المستوية كما في قوله تعالى: (الحمد لله لاذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر ... (فالسكت الذي على ((قيّماً)) نغمة مستوية ترتفع بعد معاودة القراءة.

إن أنواع الوقف تحتاج إلى دراسة تؤخذ من قراءة القراء المجودين لأن النغمات التي تنشأ عنها متباينة وتؤدي معاني مختلفة لاحظها علماء القراءات (٣) . يقول محمد الصادق قمحاوي ((به يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين والنقيضين المتنافيين والحكمين المتغايرين)) .

كذلك السكت أنواع حيث ذكر العلماء السكتة اليسيرة، والقصيرة والمختلسة من غير إشباع، والسكتة اللطيفة من غير قطع (٤) .

كل هذا - في رأينا - يحدث عنه نغمات أقل ما يقال عنها أنها مختلفة في درجاتها. وقد أبان ابن الجزري المعاني التي تنشأ عن السكت عندما قال:

وجه السكت في ((عِوَجا)) قصد به بيان أن قيماً بعده ليس متصلاً بما قبله في الإعراب. وفي ((مَرْقَدِنا)) بيان أن كلام الكفار قد انقضى وأن قوله ((هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن)) ليس من كلامهم (٥) .


(١) النشر ج١ ص ٣٣٤.
(٢) النشر ج١ ص ٣٣٧.
(٣) البرهان في تجويد القرآن ص ٥٧ وانظر الوقف والابتداء ص
(٤) النشر ج٢ ص ٥٧.
(٥) النشر ج٢ ص ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>