والحقيقة أن في كلتا السكتتين السابقتين نغمات مختلفة الأمر الذي لم يغفل عنه المحققون من علمائنا فوضحوه لئلا تلتبس المعاني ومن طريف ما ذكره محمود الطناحي عن أهمية الأداء وحسنه ما كان يفعله الشيخ عامر بن السيد عثمان بترويص المتعلمين لقراءة القرآن من إعطاء كل مقطع حقه من التنغيم وذلك بأن يقسم ((أضللن)) في قوله تعالى: (رب إنهن أضللن (إلى مقطعين يقول ((فكان شيخنا يقرأ أمامه ((أضللن)) على مقطعين هكذا ((أض)) ((للن)) ويكرر المقطعين منفردين ثم يقرأهما معاً حتى يخلص له الترقيق المراد. أما النبر فقد ذكر الطناحي أنه سأل الشيخ عامر عنه فأجابه بقوله:((إن القراء لم يذكروا هذا المصطلح ولكنه بهذه الصفة يمكن أن يسمى ((التخليص)) أي تخليص مقطع من مقطع)) وذكر أمثلة سمعها من شيخه منها قوله تعالى: (فسقى لهما ثم تولى الي الظل (وقوله تعالى: (فقست قلوبهم (وقوله عز وجل: (وساء لهم يوم القيامة حملاً (يقول: ((فأنت لو ضغطت على الفاء في الآية الأولى صارت من الفسق لا من السقي، وإن لم تضغط على الفاء في الثانية صارت من الفقس لا من القسوة أما في الآية الثالثة فلابد من أن تخلص ((ساء)) من ((لهم)) حتى يكون من السوء لا من المساءلة لو خطفها خطفة واحدة)) )) (١) .
التنغيم وعلماء النحو:
(١) محمود الطناحي: مستقبل الثقافة العربية ص ١١٧، ١١٨، ١١٩.