للبيئة أثر لا ينكر في توجيه النشاط الإنساني، ومجموع العادات والتقاليد الاجتماعية والسلوكية وفي الأعمال الأدبية، وفي إطار تأثير البيئة كان هذا المبحث الأدبي الموجز الذي درس أثر الصحراء في نشأة الشعر العربي وتطوره، وتضمن البحث مقدمة، ثم تمهيدًا تحدثت فيه عن بيئة الصحراء وساكن الصحراء، وعن امتزاج العربي بها حتى أصبحت جزءًا من كيانه، ثم تطرقت إلى محاولة تلمس البدايات الأولى لنشأة الشعر العربي على أديم جزيرة العرب وتطوره حتى وصل إلينا قصائد طويلة، تمتاز بالنضج الشعري شكلاً ومضمونًا على ألسنة الرعيل الأول الذي عرفناه من شعراء العصر الجاهلي. وتناول البحث بعد ذلك أثر الصحراء في اللغة، ولحظت أن بيئة الصحراء أمدت قاموس اللغة العربية بفيض زاخر من الأسماء والصفات التي اكتسبت صفة الاسمية مع كثرة الاستعمال ومرور الزمن، وأحصيت من أسماء الصحراء نحوًا من ثلاثين اسمًا دللتُ على معظمها بشواهد شعرية، ثم تحدثت عن أثر الصحراء في موضوعات الشعر مثل وصف المظاهر الطبيعية والكونية، ووصف الحيوانات التي كانت تجد لها ملاذًا آمنًا في جزيرة العرب، وخصصت بالحديث الناقة؛ لأنها أظهر حيوان صحراوي، ولها ذكر ووصف في معظم دواوين شعراء الصحراء، ثم وصف الأشجار والنباتات التي امتازت بها صحراء جزيرة العرب مستدلاً بالنماذج والشواهد الشعرية، ثم تحدثت بعد ذلك عن أثر الصحراء في مضمون الشعر ومعانيه، فأثرها في الصور الفنية، وهو أثر ملحوظ؛ لأن الشعراء الذين عاشوا في الصحراء استقوا منها معظم صورهم الشعرية.