فمن التغيرات الاجتماعية ما تحدثت به الأديبة في قصتها " هواجس "(١٩) عن ضيق الإماراتي بالمعطيات الحضارية الجديدة التي أدت إلى ازدحام الشوارع بالوافدين من ذوي الوجوه المتعددة الذين لوّثوا نقاء البلد مادياً ومعنوياً، وهم يتكلمون لغة عربية مكسرة، ويحاولون أن ينشروا لغتهم، وعاداتهم وتقاليدهم المغايرة لعادات الإمارات، حتى بات الصغار يطلبون الأفلام المكسيكية، ووجبات الطعام الأمريكية، ولكن ذوي الوعي من أبناء البلد ضاقوا بهذه الحضارة التي جلبت لهم الشر، وحاولوا توجيه الشعب نحو الإفادة من معطياتها الثقافية الجديدة.
وهذه القصة التي سطرتها الأديبة في سنة ١٩٩٥ تمثل أخطار العمالة الوافدة التي باتت مشكلة تتطلب حلاً ناجعاً يحمي الدولة من أخطارها، بعد أن ازدادت نسبة الوافدين أضعاف ما كانت عليه، وكانت الأمم المتحدة في السنة المذكورة تطالب بإعطاء الكثيرين منهم جنسيات إماراتية، وقد تنبه الشعب الإماراتي إلى هذا الخطر الذي يحكم قبضته عليهم، وكان للأدباء دورهم في التحذير من مخاطر سيطرة الغرباء، ولا سيما الهنود على مقدرات الدولة إن أعطيت لهم الهوية الإماراتية، لئلا تصير الإمارات فلسطيناً ثانية (٢٠) ، وشاركت الأديبة الناخي بذلك وحذرت من ذلك، وجاء في قصتها " ما بال الوجوه الغريبة تقتحم عليه كل الأمكنة "(٢١) و " لم تعد المدينة نقية، أصابها التلوث "(٢٢) ، و " حرك كلامه في نفسه مشاعر حزينة، ورغبة في التمرد على الواقع، وعلى كل الأصوات الغريبة التي تحكم حصارها من حوله، غير أن الحياة تجري لاهثة تصادر هويته، وتتحفز للحظة الانقضاض "(٢٣) .
ومن التغيرات الثقافية قضية انتشار التعليم الرسمي في المدارس، والتخلي عن الكتاتيب، مما عرّض معلميها أو المُطَوِّعين فيها كما يسمون للحاجة المادية.