وتحكي لنا الأديبة في قصتها " من زوايا الذاكرة "(٢٤) هذا التغيير فتصور لنا امرأة لفت نظرها وهي تقود سيارتها مبكراً في طريقها إلى مدرسة ابنتها – شيخاً ينكب على صندوق القمامة، ويبحث في مخلفاته بحذر، ولما رأته تذكرته وذكرت تعليمه والخميسية التي كان يحصل عليها كل أسبوع، والتربية الناجعة التي كان يربي عليها الأولاد إضافة إلى تعليمهم، وكانت كلماته المؤثرة في حياتها لا تبرح مخيلتها فأسفت على ما آل إليه وضعه بعد التغير الثقافي في البلاد.
أما قصة " حزمة الألوان "(٢٥) فتشير إلى عناية الدولة بالمكفوفين وتعليمهم والمتاعب النفسية التي يعاني منها هؤلاء، وهي ترمز بقصة " الوعد الحق " موضوعاً للدرس إلى حياة صاحبها " طه حسين " الذي ثقف وكان أعمى، وكأن هذه القصة الإصلاحية نداء إنساني ليتابع المسؤولون رعايتهم لهؤلاء المبتلين.
وهناك قصص عرضت التغيرات الحضارية بشكل غير مباشر، فقصة " حطام المخاوف "(٢٦) تتحدث عن العلاج الطبي خارج الإمارات، وعن السفر للنزهة صيفاً بعيداً عن حر البلاد، وقصة " الصمت الصاخب "(٢٧) تتحدث عن السفر إلى خارج الدولة عن طريق البر، والمخاطر التي قد تتعرض لها الأسر، ولا سيما إن اعتمدت على سائق غريب لا يدرك أخطار البحر.
من خلال استعراضي لهذه القصص الاجتماعية تبين لي أن الأديبة رسمت المشاكل الاجتماعية التي ينوء المجتمع تحت وطأتها، وكان الكثير منها يتحدث عن الحياة الزوجية، والمرأة أقدر على تصوير عواطف أختها وقضاياها؛ كما حكى لنا بعض آخر الآثار الإيجابية والسلبية للحضارة الجديدة في الإمارات، وأثرها على نفوس الأبناء كباراً وصغاراً، مثقفين وغير مثقفين.