أما القصص التي تتحدث عن الحروب العربية التي جرت بين الأشقاء فقد صورتها الكاتبة في قصتين هما:" إعصار "(٣٣) و " رياح الشمال "(٣٤) ، وصرحت لي أنها تعني في الأولى ما جرى بين العراق والكويت، وقد كشفت عن التوتر النفسي الذي أصاب الناس يومذاك ممثلاً بجاسم بطل القصة إذ أحس أن النبأ كان كقذائف حارقة، وتهاوى متهالكاً بعدما اتصل بصديقه لينقذه، وعبثاً حاول هذا أن يهدئ روعه ليفكرا بهدوء فيما سيفعلانه، ولكن الرجل فارق الحياة بعد أن أوصى صديقه بالعمل الدؤوب لتحرير الوطن.
أما " رياح الشمال " فتحدثت عن قلق فتاة وأمها من الحرب الدائرة بين اليمن الشمالي والجنوبي، ورفض أب تزويج ابنته من شاب ينتمي إلى الشمال، وعدّه غريباً بسبب الحرب القائمة بين الجزأين، وكأن الأديبة أرادت أن تنبه الرأي إلى أن هذه الخلافات والمجازر بين الأخوة تقطع الأواصر وتدع الشعوب في قلق قد يودي بمستقبل أولادهم.
أما قصص الاستعمار الذي جثم على الأراضي الإسلامية الأخرى بوصفها أرض أخوة لنا تجمعنا وإياهم رابطة العقيدة، فقد صورتها قصة " انكسارات روح "(٣٥) حيث التقطت صوراً من صور التعذيب الوحشي الذي تعرضت له هذه المناطق على أيدي الصرب وقدمت ذلك في أسلوب رمزي يشف عن المعنى (٣٦) ، ويشير إلى الممارسات الجنونية والانزلاق في حفر الهاوية الجهنمية، وإلى الوحش الذي يغرز أنيابه القذرة في أعناق الفتيات العاجية، وأشارت إلى ضرورة الثورة على هؤلاء المجرمين لمقاومة عبثهم الجنوني بنفحات الإيمان، ولئن تطايرت بها الأشلاء فإنها ستكون زهوراً تعبق بشذا رياحين الجنة حتى تزول الأرواح الشريرة وتنكسر حدتها.
وهكذا كانت قصص شيخة الناخي معبرة عن آلامها مما يعاني منه العرب والمسلمون في هذا العصر، سواء في الداخل أم في الخارج، وكانت غالباً لا تعين للحدث زماناً ولا مكاناً ليكون أشمل للواقع المحسوس في كل أرض يسودها طغيان.