فالأديبة أسهبت في حديثها عن انهيار البطل النفسي إثر تلقي نبأ الهجوم وكان هذا الإسهاب مدعاة لمتابعة الحدث الذي سبب له هذا التوتر والضيق.
وهناك وسائل تشويق أخر كالإرهاصات التي تنتشر هنا وهناك ففي " خيوط من الوهم " نرى الفتاة قد تعلق قلبها بمن عرفته منذ صغرها خِطباً لها، ولكن تصرفاته كانت تشي بعدم رغبته في الزواج، فهو مثلاً جاء ليودع الأسرة قبيل السفر ولم يتكلم بشيء عن مصيرهما، وسافر ولم يلق نظرة وداع أو تحية، وهذه الإشارات أو الإرهاصات تشوقنا لمعرفة نهاية الحدث، وتجعلنا شبه متيقنين بما سيحدث لها.
وقد يكون عنصر الزمن أداة تشويق تحفزنا إلى مواصلة القراءة، كما في " حصار "(٥٥) ، إذ نرى الزوجة تسهر وحيدة تنتظر قرينها إلى ما بعد الثانية والنصف ليلاً، وتقتل وقتها بقراءة صحيفة، أو بالوجوم والتفكير، ثم يقدم الزوج ثملاً تفوح منه رائحة كريهة وهو يجر قدميه جراً، وهنا راحت الأديبة تطيل في تصوير جزيئات هذا الموقف في بطء زمني يوحي بثقل الحدث على قلب الزوجة وسط هذا الليل الطويل حتى أدركت أن لا فائدة من الحديث مع رجل مخمور لا يعي مما تقول شيئاً..
وقد يكون رسم البيئة عنصر تشويق أيضاً، كما في " الصمت الصاخب "(٥٦) ، إذ شوقنا هجوم البحر بمدّه إلى متابعة ما سيحدث لهذه الأسرة القابعة في سيارتها المصفحة بعد أن غمر البحر المكان وتعرضت للخطر.
وللبيئة في قصة " هواجس "(٥٧) أثرها في حثنا على متابعة القصة وقد بانت لنا أوضاعها المادية والمعنوية من خلال رؤى خلفان لواقع المدينة، ومن حواره مع السائق ومع أخيه الصغير إذ عرفنا على التغيرات الحضارية وعلى تبدلات الأخلاق، والتأثير الثقافي للوافدين.