للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢" - ولكن الأديبة بدت في مجموعتها الثانية " رياح الشمال " أقدر على كتابة القصة الفنية، وكأنها أفادت من دراستها العربية في الجامعة، ولهذا نراها تعرض شخصياتها بالطريقة التمثيلية، فتسمح لها بذلك أن تكشف عن نوازعها من خلال أحاديثها، لنقرأ لها قولها الذي يبين عن نفسية السجان وسجينه:

«لم تقل لي أنت ما تهمتك؟

لا أدري.

ولكن من حقك أن تعرف.

لقد دفعوني إلى هنا دون أن أعرف التهمة المنسوبة إليّ.

لا يعقل هذا، هل هي وشاية؟

سمها بما شئت، والحقائق تصبح مرة حين تفسر بعدة وجوه، بينما الآخرون تمتد الأرض وتطول من تحت أقدامهم.

لا أفهم ما تقصده.

أعذرك.

أفصح بالله عليه.

لن تصل معي إلى شيء، أترى الأشجار من حولنا؟

نعم.

إنها تحاصرنا، وللجدران آذان صاغية.

سمعت هذا القول من قبل (٦٨) » .

فالأديبة هنا عبرت عن ظلم فئة متسلطة تمتد الأرض وتطول من تحت أقدامها على حد قولها وهي لا تبالي بمعاناة الشعب، ولهذا تتجسس عليه فتسجن أبناءه وتراقبهم وتتسمع إلى ألفاظهم حتى في أقبية سجونهم، حتى شاع المثل " للجدران آذان "؛ وهذا الحديث يكشف عن ضيق الشعب من الجبابرة الطغاة، مع أن الأديبة لم تذكراً قطراً، ولم تحدد بلداً.

٣- طريقة تداعي الأفكار:

وبهذه تتضح نوازع الشخصيات وأهواؤها، ومواقفها، كما في " لا تكن جلاداً " إذ نحس أثر المعاناة والضغوط النفسية من خلال ما يجري في مخيلة البطل من خواطر وأحاديث ذهنية على نحو قولها:

" أطلق تنهيدة حارة، شعر بوطأة الوحدة ... بالصوت المخيف في قريته يقتحم سمعه وقلبه معاً:

قف مكانك.. لا تتحرك.. امتثل للأوامر.. لا تقاوم.

قفز من مكانه يهرول مسرعاً، مديراً رأسه خلفه:

لا أحد يطاردني.

تعوذ من الشيطان وقال مواسياً نفسه:

دع عنك المخاوف، اقتل كل الأوهام، اسحقها بأقدامك، لا تضعف

<<  <  ج: ص:  >  >>