وأقول أيضاً إن طبيعة اللغات الأجنبية غير طبيعة لغتنا العربية، فتلك تفرعت عن اللاتينية ولم تحافظ على كيانها، أما لغتنا فقد قاومت هذا التعدد، وحافظت على أصالتها على مر السنين وكتبت بها حضارات الأمم وآدابها، ثم إن الحفاظ عليها حفاظ على تراثنا، والهجمة ضدها فكرة استعمارية لا نزال نشهد آثارها في الدعوة إلى العولمة، والانصياع للهجات العامية باسم التراث أو باسم الواقعية أو تحت أي اسم براق قضاء على شخصيتنا وهويتنا، ولهذا أحسنت الأديبة شيخة الناخي حين التزمت الفصحى لغة لقصصها، وبها يكتب لها الخلود لا باللغة العامية.
والأديبة فضلاً عن ذلك عمدت إلى اللغة الواقعية السهلة في مجمل قصص مجموعتها الأولى الرحيل، إلا أنها جملّت مقدماتها بلغة إنشائية تستهوي بوقعها الجميل قراءها من غير مبالغة في الصنعة، من ذلك قولها في مستهل:" وكان ذلك اليوم ": " كانت تحلق في الفضاء بخيال واسع وأمان، تمخر بأحلامها عباب أمواج البحر الشاسع، حيث الأفق البعيد،وفوق رمال شاطئ الخليج البراقة الجميلة ترى حلمها يرتسم فوق صفحة القمر، وفي خيوط الشمس مع نسمة الهواء، وهي تداعب أوراق الأشجار في دلال، في عين كل طفل وطفلة، وهما يلعبان ويمرحان في براءة وطهر "(٩٩) .
فالأديبة لجأت إلى الأسلوب الوصفي الذي استمدت عناصره من الطبيعة لتعبر به عن بهجتها في الحياة، وأمانيها العذاب، وهي ترسم أحلامها المستقبلية.