وبعض النقاد يعيبون هذا التأنق في الصياغة وينفرون منه أشد النفور، ويعّدونه بعداً عن الواقعية، ويفضلون عليه المضمون، ويطلبون السهل غير المدبج من الأسلوب، وأرى أن لا ضير في ذلك إن لم يكن متكلفاً، وكان يساعد على أداء الفكرة كهذه المقدمة، إذ يوحي فيها جو الطبيعة بالسعادة التي آلت إليها الشخصية، ولا سيما أن الأديبة كانت تعود إلى الأسلوب الواقعي بعد مقدماتها، بل قد تأخذ به في مستهل قصصها كما في " من زوايا الذاكرة "، وهذا مقطع يبين عن هذا الأسلوب في هذه القصة:
" في ركن بعيد آخذ في الانزواء سقطت أنظاري على رجل يقف عند الجانب الآخر من الطريق بالقرب من صندوق للمخلفات، وكان يبدو عليه أنه منهمك في عمل ما، وبين الفنية والأخرى كانت قامته تنتصب يرسل خلالها نظرات فاحصة لكل ما حوله، ثم يعود لما كان عليه "(١٠٠) .
ولم تخل مجموعتها الثانية " رياح الشمال " من الأسلوب الواقعي أيضاً، وقصة" هواجس "(١٠١) فيها خير شاهد على هذا إذ تحدثت بلغة سهلة وعرض واقعي عن أوضاع الإمارات بعد نهضتها الحديثة المعتمدة على العمالة الوافدة في كثير من أمورها، وأثر هذه العمالة.
ولكن الأديبة عمدت إلى الأسلوب الإيحائي تعرض به كثيراً من قصصها لتكون أكثر تأثيراً على نفوس قرائها ففي قصة " إعصار " أشارت إلى شدة انفعال البطل لخبر الهجوم العراقي بلغة موحية بمعناها ومبناها على نحو قولها: " جاء الخبر قذائف حارقة أصابته في الصميم فحطمته، أحس بالغوص في أنفاق مظلمة، وبأيدٍ ممتدة نحوه، تشده في كل الاتجاهات، شعر بالاختناق، صرخ بأعلى صوته ...
كيف.. لماذا..؟
تباً لك من حياة.. مازلت تنسجين خيوط الأحزان أثواباً للبائسين تباع على قارعة الطريق، وانخراط في بكاء متواصل.