المطر لا يزال ينهمر، سيغسل بواباتك المخلوعة، وزجاج نوافذك المهشمة.. وسيطوي الليل رذاذ أنفاسهم القذرة.. وعندها ستمدين يدك نحو القمر مصافحة، ويمتد الفرح ليغمر مساحة روحك وأنت تودعين كآبتك الجنائزية» (١٠٧) .
فالقاصة هنا استخدمت الرمز للتلويح بالانتهاكات التي تعرضت لها المرأة البوسنية من الصرب المجرمين، ونقلت لنا الحالة الوجدانية التي كانت عليها البطلة بهذه الألفاظ الموحية بالثورة التي كانت لرد الكرامة، ولهذا جاءت الأديبة بما ينم عن هذه المعاني من مثل " مصادرة الأحلام، تلويث المساحات، البوابة المخلوعة، زجاج النوافذ المهشمة، الأنفاس القذرة، الكآبة الجنائزية، المطر ينهمر ليغسل ... الليل سيطوي، القمر سيصافح، الفرحة تغمر مساحة الروح "
وهذه الألفاظ كلها جاءت من استدعاء القاصة للمعاني الإيحائية، فالكلمة تستدعي أخرى، فسلب الحق يدعو إلى الدفاع عن الكرامة، وهذا يؤدي إلى الصمود، ويذكر بانتهاكات العدو، ومصادرة الأحلام، وتلويث المساحات ... وهذا التلويث وتلك الجرائم تستدعي المطر ليغسلها، والعدو يهشم، وهذا يعني الكآبة الجنائزية ... وهناك تفاؤل.. والتفاؤل يذكر بالقمر، والفرح، والمصافحة ...
لكأن الأديبة كرست رصيدها اللغوي والصور التي التقطتها مخيلتها من أجهزة الإعلام، واحتفظت بها ذاكرتها لتقدم بهما حكاية للمآسي مؤثرة في الأعماق بألفاظها التي يجمع بينها علاقات التضاد حيناً، والتدرج أخرى (١٠٨) .