وكان هذا كله دليلاً على شدة التوتر والضغط النفسي الذي أحس به البطل، ثم أودى بحياته.
وكان للفواصل التي تكاثرت بين الأسطر على شكل نقط متواليات دورها في التعبير أيضاً فقد زادت الإحساس بالألم عمقاً، حتى بدت وقفاتها وسكناتها ناطقة لا صامتة، وكأنها تدع القارئ يتملى الموقف، ويفكر وسط زخم من الصور التي تنم عن الانفعالات المتكررة الأليمة.
ولنقرأ للأديبة أيضاً هذا المقطع من قصة " أحزان ليل "، وفيه فواصل زمنية متعددة لها إيحاءاتها ودلالاتها على شدة الخوف والذعر الذي أحاط بالناس من جراء القصف المتواصل:
«شيء مخيف.
ماذا تقصد؟
تكلم.
أتقول الحقيقة؟
.....................
لا، لا يمكن أن يحدث هذا.
إنك تلعب بأعصابنا.
لزم الصمت برهة وسرح بعيداً.. ثم تكلم متابعاً حديثه:
ليت الساعة تقوم.
... الساعة؟
نعم الساعة ... بل القيامة» (١٠٤) .
فالفواصل المنقطة هنا تدل على الزمن الذي استغرقه المتحدث وهو صامت لا يجيب، وهذا الصمت شارك في الدلالة التعبيرية، إذ أشعرنا بأن الخفير غير قادر على التعبير عن هول الموقف، ولهذا كان يسكت، فلما تكلم قال " ليت القيامة قامت" مشيراً بذلك إلى شدة ذعره من العدو.
والأديبة لجأت في معظم قصص رياح الشمال إلى اللغة الرمزية، ولكن الرمز فيها واضح، لاسريالي (١٠٥) إذ لا غموص فيه، بل هو يستشف من السياق العام بما فيه من إيحاءات، فيكون أبلغ في الدلالة التعبيرية.
قالت في قصتها " انكسارات روح " وهي كما ذكرت لي " تتحدث عن حرب البوسنة والهرسك ويمكن أن نعدها تتكلم عن كل حرب ضد الإسلام والمسلمين"(١٠٦) :
«إذا كانوا قد سلبوك حقك في الدفاع عن كرامتك فما عليك إلا الصمود.