" لا يأتيني ردك بالرفض، فقد اكتوت نفسي بناره دهراً، غرس الخنجر بداخلي ليقطع أحشائي المشتعلة بحرارة الانتظار، تسافر روحي إليك، أطير محلقاً في خيال الأوهام والآهات، أسكب الدمع أنهاراً تغسل نفسي الهائمة، أتدثر بأغطية الوحشة القاتلة تطاردني بمخالبها اللعينة تهز أوتار قلبي، تلقي بي فوق أرصفة المحطات وزوايا الطرق، تتزاحم الأجساد الملهوفة تخترق الأرض بقوة، تعبر فوق جثتي بأحذية قذرة، أتنفس الهواء المتعفن بالأتربة المتطايرة، أبذل المحاولات في النهوض، أتعثر في خطاي، أرتشف قطرة من عبراتي المنهمرة فوق وجهي المطارد، أقضم كسرة خبز أخمد بها هياج أمعائي الخاوية (١١٠) .
في هذا المقطع أرى إيقاعاً صوتياً بين مقدمات جملها، من مثل:
أتنفس الهواء.
أتعثر في خطاي.
أرتشف قطرة.
أقضم كسرة.
وهذه خاصية من خصائص جملها في المجموعة الثانية، وقد أضفى هذا الإيقاع الصوتي على النص نغمة موسيقية عذبة، ونبرة حلوة، إضافة إلى الشحنات العاطفية المستمدة من العبارات المصورة الموحية، وقد أدى هذا إلى مشاركة المغترب في أحاسيسه؛ والأدب الجميل ما هز المشاعر.