ولغة الأديبة ولا سيما في مجموعتها الثانية مصورة بعمق ما تريد أن تعبر عنه، فكثرة الوافدين، ومادية البلد في حضارتها الجديدة عبرت عنهما بعبارة " الأجساد الملهوفة تخترق الأرض بقوة "، والفقر الشديد صورته ب " هياج أمعائي الخاوية "، وأي كلمة أبلغ من " هياج " للدلالة على آلام الجوع، والسيارة " أشبعت " بلوازم السفر للدلالة على الامتلاء الشديد، و " البحر هائج يلتهم الرمال " فكأنه وحش أمام فريسته، و " الصباح يزحف مرسلاً وميضه "،فأشعته الوادعة تشبه الوميض في لغة الأديبة، ولسياط الجلاد لهيب، وهي كوحش جائع، والأجساد لا تقوى على الصمود أمام لهيب السياط المسعورة، وحروف الكلمات " عباءة أتدثربها في لياّلي المرعبة " والخوف سكن في أعماقها كجان يرعبها، والثورة عبث جنوني ...
وهذا مجاز ذو علاقة فاعلية يقوم بعمل التجريد، فيحول الخوف من الإنسان المادي إلى الأسئلة المعنوية للدلالة على شدة الذعر وقد بدا في قولها:" لزم الجميع الصمت، والصغار يمطرونهم بوابل من أسئلتهم الخائفة ".
وهذه صور اشتركت فيها حاستا السمع والبصر معاً للدلالة على إحساس البطل بالضيق جاءت في قولها:" والخبر يئز في أذنيه، كل ما حوله بدا موحشاً كئيباً ".
ولننظر كيف عبرت عن جنود الاحتلال:" كانوا هنا بأحذيتهم السميكة " وكيف عبرت عن التغرب القسري: " لماذا لفظتني مطروداً " وما أكثر المشردين الذين لفظتهم أوطانهم، ولذلك نراها تقول:" الأرض حبلى بالمطرودين أمثالك ".
ولم تخل مجموعة الرحيل وهي أول مجموعة كتبتها من خاصية التصوير أيضاً، فهي حين تشير إلى إحساس المرأة بالمرارة تقول " انطويت على نفسي " وإلى الثورة النفسية في الأعماق: " الاستغاثة المتشنجة "، وإلى الركض وراء خطب لا يلقى لها بالاً:" تلهثين خلف سراب الوهم ".