ولكل كاتب أسلوبه، والأسلوب هو الرجل كما يقولون، وهو يبرز في آدابه كثيراً كان أم قليلاً، ومن خلال استعراضي لهذه الصور أرى أن الأديبة تمكنت بأسلوبها هذا من التعبير عن الأحاسيس بما تعجز عنه اللغة الحقيقية، والمجاز من عوامل قوة لغتنا، وهو في بعده عن الحقيقة أدى وظيفته الجمالية المرجوة منه بشكل أقوى وأعمق.
ومن ميزات أسلوب الأديبة أيضاً أنها تخفي ما يعود إليه الضمير ليفهم من سياق الكلام، والتعمية عامة من نهجها اللغوي والمعنوي، وقد بدت في خواتيم القصص كما بدت في الأسلوب ولكن هذه التعمية أساءت إلى فهم الفكرة أحياناً، وأحاجت القارئ أن ينتظر طويلاً ليعرف من المتكلم، ولا سيما إن كانت في أول القصة، كما في " حزمة الألوان ورياح الشمال "(١١١) .
ويكثر في أسلوبها الألفاظ الرومانسية التي تدل على التشاؤم والمعاناة، وقد بدت هذه الخاصية حتى في عناوين القصص مثل: الرحيل، الحصار، الضياع، انكسارات روح، إعصار ... " ومن عباراتها " الحفر النارية، هذيان الركض، الممارسات الجنونية، الجدار الأخرس ... ".
وقلما نرى الأديبة متفائلة في قصصها، وكأن الجو السياسي للعالمين العربي والإسلامي والواقع الاجتماعي المتردي، والتغيرات الحضارية وما آلت إليه من رفض القيم قد انعكس في قصصها.
كما بدا في أسلوبها تأثر بالقرآن الكريم، فقد اقتبست منه قولها " وقلبها يكاد يتميز من الغيظ " (١١٢) و " ادخلوا مساكنكم قبل أن تطأكم أقدامهم " (١١٣) ، و " تلطف حتى لا يشعر بك أحد " (١١٤) ، كما تأثرت بالأسلوب المترجم مضموناً وشكلاً فقد تسربت إلى لغتها مفردات من القاموس الأجنبي مثل: " النشيد الجنائزي "، " وروح مصلوبة فوق جدار الألم " و " لتصلب في فضاءات ... "، و " سيمفونية " ومن أساليب الترجمة قولها: " كم هي المرات "، والأولى أن تقول: كم مرةٍ، وقولها: " هل مازلْتِ في انتظار المكالمة؟ " والأجود أمازلت ....؟