والنقد القصصي يتجنب الإشارة إلى الهنات اللغوية أو النحوية، ولكني على تقديري للمؤلفة وأسلوبها – لا أرى مندوحة من ذلك، ومن ذلك قولها:" فأجهشت بالبكاء " بزيادة البكاء لأن الفعل الأول يدل على البكاء، وفي قولها:" بالأمس القريب جداً " وأمس المعرفة بأل تدل على يوم ما مضى، أما أمسِ المبنية على الكسر فتدل على الزمن القريب قبل يومين " أو يوم واحد، والأولى كذلك أن يأتي بعد إذا الفجائية اسم مرفوع لا مجرور ولكن الأديبة قالت " فإذا بالقلوب تخفق "، وحين الظرفية تسبق بحرف الجر على، والكاتبة قالت: " في حين تتسلق يداك ...، وهي تستخدم كلمة الفشل بمعنى الإخفاق، وتعرف كلمة بعض بأل التعريف، وهذه كلها من الأخطاء الشائعة (١١٥) .
ب - الوصف:
لا يصاغ الوصف في القصة الفنية لمجرد الوصف، ولكن ليخدم الحدث أو الشخصية، ولهذا يعد جزءاً لا يتجزأ من القصة (١١٦) ، وكذلك كان في قصص الناخي، فالفتاة وأمها في قصة " حطام المخاوف " تتلقيان نبأ الطبيب المعالج للأم، فتغرق الفتاة في بحر من ذهول مؤلم، وتغدو الأم سلبية الإرادة، غارقة في عذابها؛ لنقرأ لها قولها:
" كان ذلك اليوم الحزين حين أدخلت المستشفى لتتلقى علاجها الأخير، وهي عنه راغبة، وقهرني التخاذل، وغرقت في ذهول سكنه الوجع حين نقل إلي الخبر، تدفق في داخلي لحظتها شلال الأحزان ليجرف معه بقايا أمل يسكن الأعماق، ثار في رأسي طوفان الأفكار المتصارعة، وأنا أنقل إليها القرار المفاجئ لمعالجها، كانت نظراتها تنوء بحزن مقهور بذاك الخبر التفتت إلي في إعياء مشوب بالدهشة وصرخة نفس مكتومة:
هل انتهت محاولاته؟ لم يبق أمامه شيء؟ ... أليس كذلك؟ ! .
أغمضت عيني بتعب مرهق، وأحسست في الساعة بالذات أنها أضحت مسلوبة الإرادة، وأنها تغرق في عذابها، وأن الخلاص من عذابها أخذ يبتعد عنها " (١١٧) .