فالأديبة هنا عبرت عن إحساسها بالخبر المؤلم في قولها " قهرني التخاذل – غرقت في ذهول سكنه الوجع، تدفق شلال الأحزان، ثار في رأسي طوفان الأفكار المتصارعة ... " وهذا كله يشير إلى المعاناة النفسية من إحساسها بدنو أجل أمها.
أما الأم فقد تكلمت في إعياء، ودهشة، وصرخة مكتومة، وقالت في يأس شديد:
هل انتهت محاولاته.
ثم استخدمت القاصة أسلوب التقرير " لم يبق أمامه شيء " ثم جاءت بالاستفهام فكأنها تشير به إلى عدم تصديق الأم عجز الأطباء مشيرة بذلك إلى أثر القول.
ومن الوصف ما طور الحوادث فالزوج المخمور اللاهي في قصة " حصار " ستنتهي حياته نهاية مؤلمة بحادث سيارة، وستصاب قرينته بالدهشة لأنها كانت تحس أن حياتها لم تبدأ بعد بسبب انشغاله عنها بصحبه، تقول الناخي في القصة مصورة شقاء المرأة الذي كان سبباً في إحساسها بالمرارة:
" كل شيء كان في البيت ساكناً، قبعت فوق الكرسي في انتظار زوجها، ولم تلبث أن شعرت بوحدة مخيفة، وتقاطرت عليها ضروب الهواجس، وامتزجت بتفكيرها، وتساءلت وهي تجول ببصرها في أرجاء البيت، وتمتمت: الحل، ألا يوجد حل لهذه الحالة؟ لهذه الحياة؟ لقد أكدوا لي بان الزواج هو الحل السعيد للفتاة، والحياة الزوجية نهاية المطاف، وهي أمتع اللحظات، بحق السماء هل هي كذلك؟ لست أدري.. وألقت بجسدها الواهن الذي أضناه السهر وحطمه الانتظار فوق كرسي في صدر الصالة، وبين لحظة وأخرى كانت عقارب الساعة تمزق السكون القاتل "(١١٨) .
ويبدو جمال الوصف أيضاً عن طريق المفارقة بين أمرين، فالفتاة في " رحلة الضياع " تجبر على الزواج من الأشيب العجوز، ولهذا لم تحس بسعادة الزفاف على الرغم من مظاهر البهجة المحيطة بها. وهاهي الأديبة تصور لنا هذه المفارقة لتشير إلى ضيق الفتاة في ليلة زفافها:
" ولم أشعر إلا وبيد أخرى تسقط فوق كتفي بقوة لتقول: