للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وأما فرض الحج فالصواب: أنه في السنة التاسعة، ولم يفرضه الله تعالى قبل ذلك، لأن فرضه قبل ذلك ينافي الحكمة، وذلك أن قريشاً منعت الرسول (من العمرة، فمن الممكن والمتوقع أن تمنعه من الحج ومكة قبل الفتح بلاد كفر، ولكن تحررت من الكفر بعد الفتح، وصار إيجاب الحج على الناس موافقاً للحكمة" (١) .

وإنما أخر النبي (الحج إلى العاشرة لكثرة الوفود عليه في السنة التاسعة الذين جاءوا إليه ليتفقهوا في الدين، وأيضاً أخر الحج من أجل أن يتمحض حجه للمسلمين فقط فإنه أذن في التاسعة ألاّ يحج بعد العام مشرك (٢) .

كل هذا يدل على أن الحج إنما فرض في السنة التاسعة والحق أن هناك آيات قرآنية نزلت قبل هذه الآية وفيها ذكر الحج والأمر بإتمامه كما في قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} (٣) .

وهذه الآية نزلت في السنة السادسة من الهجرة عام الحديبية، وفيها الأمر بإتمام الحج والعمرة.

وإذا علمنا أن هذه الآية نزلت متقدمة على الاية السابقة فإن الأمر لا يخلو من:

١ - أن يكون فرض الحج بهذه الآية. وهذا رأي بعض أهل العلم وهو قول مرجوح لما تقدم.

٢ - إن الآية إنما أمر فيها بإتمامهما لمن شرع فيهما، لم يأمر فيها بابتداء الحج والعمرة، والنبي (اعتمر عمرة الحديبية قبل أن تنزل هذه الآية، ولم يكن فرض عليه لا حج ولا عمرة، ثم لما صده المشركون أنزل الله هذه الآية، فأمر فيها بإتمام الحج والعمرة وبين حكم المحصر الذي تعذر عليه الإتمام (٤) .

وبعد هذا يترجح ما ذهب إليه الجمهور وهو أن الحج إنما فرض في السنة التاسعة من الهجرة، ولذا أمر الرسول (أبا بكر أن يحج بالناس وأمر علياً أن يؤذن في الناس، ويعلمهم بتطهير البيت من البدع وما أحدث في الحج من المنكرات التي تخالف مناسكه، ليصفو الحج من قابل للمسلمين.


(١) ابن عثيمين، الشرح الممتع، ٧/١٧.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) سورة البقرة (١٩٦)
(٤) ابن تيمية، الفتاوي، ٢٦/٧-٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>