اشتمل هذا البحث المتواضع على دعوة بعض الرسل كنوح وهود وصالح وشعيب إضافة إلى دعوة نبينا محمَّد (وذلك لأنّ هذه السورة الكريمة اشتملت على مناهج وأساليب للدعوة إلى الله جلّ وعلا، فقد بدأت بتقرير أصول الدين وإقامة الأدلة والبراهين على ذلك، فأثبتت وجود الله ووحدانيته، وردت الشبه الَّتي كان أعداء الإسلام يثيرونها حول القرآن والرسالة والدعوة، ففرقت بين الأعمى عن دعوة الحق وبين من بصّره الله فأنار بصيرته فاستجاب لها، وقرّرت أَنَّه لا يعلم الغيب إِلاَّ الله (ومن استثناهم من رسله حيث أطلع بعض رسله على بعض غيبه، وقد ذكرت في هذا البحث تعريف الدعوة لغة واصطلاحًا، وبيّنت أن الدعوة إلى الله هي دعوة الحقّ، وأن دعوة الحقّ هي شهادة أن لا إله إِلاَّ الله، وأنّ الدعوة تطلق على الدعوة إلى هدى وإلى ضلالة، ثُمَّ بيّنت حكم الدعوة، وهل هي فرض عين أو فرض كفاية، وذكرت الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية، وذكرت اختلاف العلماء في ذلك وسببه، وجمعت بين الأقوال في ذلك، وذكرت نماذج من الآيات الدالة على أن إرسال الرسل وإنزال الكتب إِنَّما هو من أجل إقامة توحيد الله في أرضه، وبيّنت أن غالب ما يستجيب لدعوة الرسل ضعاف النّاس، وأن وجهاءهم وعظماءهم يقفون أمام الدعوة، وهذه سنّة الله الَّتي لا تتغير، وذكرنا مثالاً لذلك في حديث أَبي سفيان مع هرقل ملك الروم، ثُمَّ ذكرت نبذة عن دعوة نوح وهود وصالح وشعيب، أمّا إبراهيم ولوط فإِنَّهُما ذكرا في السورة لا لبيان الدعوة وإِنّما ذكر البشارة إبراهيم بإهلاك قوم لوط أو بولده إسحاق أو بهما معًا، وأمّا لوط فإنما ذكر في السورة من أجل إخباره بإهلاك قومه وأمره بما يفعل من وسائل النجاة من العذاب، وبيّنت أَنَّه من واجب الدعاة الصبر على الأذى في تحمّل الدعوة أسوة برسل الله وأنهم لا يضرّهم عدم الاستجابة لدعوتهم لأنّ الرسل كانوا كذلك ولم يثن ذلك عزائمهم عن الاستمرار