للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدعوة، وبيّنت شدّة توكّل الرسل على ربهم وذكرت مثالاً لذلك وهو تحدِّي نبي الله هود لقومه، كما بيّنت أن الرسل جميعًا أخبروا أممهم بأنهم لا يطلبون منهم أجرًا مقابل تبليغ الدعوة إلى الله، وذكرت خلاف العلماء في جواز أخذ العالم الأجرة على تعليم العقائد والحلال والحرام والقرآن الكريم وذكرت أدلة الفريقين والتفصيل الَّذي ذكره شيخنا الشَّيخ محمَّد الأمين في أضواء البيان، وأثبت رسالة محمَّد (عن طريق إخبار القرآن بأنه ما كان حاضرًا نداء الله لموسى بجانب الطور ولا كان حاضرًا عندما كان زكريا وقومه يقتسمون على كفالة مريم، ولا كان حاضرًا في أهل مدين لما بعث فيهم شعيب ولكن الله أرسله وأوحى إليه ذلك كلّه، وبيّنت أن هذا النوع مما تشتد الحاجة إليه في زمننا هذا، وبيّنت أن الأوامر لرسول الله (في القرآن بالدعوة أوامر لأمّته إِمّا أن يكون الخطاب له والمراد الأمّة أو يكونوا داخلين معه في الخطاب لأنّ خطاب القدوة خطاب للأتباع إِلاَّ ما دلّ الدليل على خصوصه به كقوله تعالى: (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ((١) ، كما بينت أن نبي الله شعيبًا رسم للدعاة منهجًا يسيرون عليه إلى يوم القيامة وهو أن الداعي لا ينبغي له أن يأمر بأمر إِلاَّ ويأتيه ولا ينهى عن منكر ويأتيه، وذكرت حديث الصحيحين المشتمل على الوعيد على ذلك، وذكرت نماذج واقعية من حال الرسل دلّت على أَنَّهم لا يعلمون من الغيب إِلاَّ ما علّمهم الله مثل قضية الإفك الَّتي ما كان (يعلم براءة أمّ المؤمنين منها شهرًا كاملاً حتَّى أتاه الوحي، ومثل ذبح إبراهيم العجل للملائكة يظنّهم رجالاً، وكضيق ذرع لوط بمجيئهم له يظنّهم بشرًا، وكقصة يعقوب الَّذي ابيضت عيناه من الحزن على يوسف وليس بينه وبينه إِلاَّ مسافة قصيرة، ونحو ذلك، كما بيّنت أن الملائكة كذلك لا يعلمون من الغيب إِلاَّ ما علّمهم الله (قَالُوا


(١) الآية ٥٠ من سورة الأحزاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>