للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٢/٢) عن الوليد بن مسلم أخبرني ابن لهيعة عن موسى بن وردان أنه كان يرى أبا هريرة يرفع يديه في قنوته في شهر رمضان".

قال الوليد: وأخبرني عامر بن شبل الجرمي قال: رأيت أبا قلابة يرفع يديه في قنوته (١) .

ما جاء عن الحسن بن علي رضي الله عنهما في قنوت الوتر

٤٣/١) عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ (وفي رواية: فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ) : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ" (٢)


(١) ... إسناده ضعيف.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣/٤١) ، وفي السند الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالسماع في الطبقات فوقه. وابن لهيعة ضعيف، فإن رواية الوليد عنه بعد احتراق كتبه.
(٢) ... جاء الحديث عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنه.
من طريق أبي إسحاق السبيعي عن بريد به. ورواه عن أبي إسحاق السبيعي كل من شريك بن عبد الله القاضي، وأبو الأحوص، وزهير بن معاوية، وإسرائيل، والثوري، وموسى بن عقبة، وزياد بن خيثمة، وأبوبكر بن عياش، وسليمان بن قرْم الضبي؛

أمّا رواية شريك فأخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (٣/٣٠٠) ، (١٠/٣٨٤) ووقع خطأ طبعي في السند، فرسم (شريك عن عبد الله) وصوابه: (شريك بن عبد الله) ، وأخرجه أبويعلى في المسند (١٢/١٣٦، تحت رقم ٦٧٦٥) ، وابن ماجه، والطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٤، تحت رقم٢٧٠٤) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٣٩، تحت رقم ٧٣٧) ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة (١/٢٦٦، حديث رقم ٣٨٣) . وهي مقيدة بلفظ: "قنوت الوتر". وضعف سند هذا الطريق محقق مسند أبي يعلى لضعف شريك. قلت: لكنه توبع كما ترى فحديثه هذا من طريقه لا ينزل عن درجة الحسن لغيره.
أمّا رواية أبي الأحوص فأخرجها أبويعلى في مسنده (١٢/١٥٦، تحت رقم ٦٧٨٦) ، والدارمي في سننه تحت رقم ١٦٣٤) ، وأبوداود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، حديث رقم ١٤٢٥) ، والترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في القنوت في الوتر، حديث رقم (٤٦٤) ، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، حديث رقم (١٧٤٥) ، والطبراني في الكبير (٣/٧٤، تحت رقم ٢٧٠٥) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٤٠، تحت رقم ٧٣٩) ، والبيهقي في الكبرى (٢/٤٩٧) من طريق أبي داود، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٤/٧١٧، رقم ١١٧٦١١٧٧) . وهي مقيدة بلفظ: "قنوت الوتر". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصحح محقق سنن الدارمي (٢/٩٩٢) إسناد هذه الرواية. قلت: وهو كما قال.
أمّا رواية زهير، فأخرجها أبوداود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، حديث رقم ١٤٢٥) ، البزار في مسنده (٤/١٧٦، تحت رقم ١٣٣٧) ، وابن الجارود في المنتقى (٢٧٣) ، والبيهقي (٢/٤٩٨) . وهي مقيدة بلفظ: "في قنوت الوتر". قال البزار عقب روايته للحديث: "وهذا الحديث لا نعلم يرويه عن النبي إلا الحسن بن علي، وقد رواه شعبة عن بريد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي وزاد فيه أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن: علمني رسول الله أن أقول في قنوت الوتر ولم يقل شعبة في قنوت الوتر فلذلك كتبناه واسم أبي الحوراء ربيعة بن شيبان"اهـ. وصحح إسناد هذه الرواية لغيره صاحب غوث المكدود بتخريج المنتقى لابن الجارود (١/٢٣٩) .
أمّا رواية إسرائيل فأخرجها الدارمي (١٦٣٣) ، والدولابي في الذرية الطاهرة النبوية ص٨١، تحت رقم ١٣٦، وابن خزيمة (٢/١٥٢، تحت رقم١٠٩٥) ، والطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٣، تحت رقم ٢٧٠٢) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٣٨، تحت رقم ٧٣٦) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/٢٠٩) ووقع في روايته للسند "عن الحسن أو الحسين". قال البيهقي: "كأن الشك إنما وقع في الإطلاق أو في النسبة"اهـ. قال ابن حجر في التلخيص الحبير (١/٢٤٩) بعد نقله قول البيهقي: "ويؤيد رواية الشك أن أحمد أخرجه في مسند الحسين بن علي من مسنده من غير تردد ... "اهـ قلت: وكذا عند أبي يعلى في مسنده حديث رقم (٦٧٨٦) ، جعله في مسند الحسين بن علي دون تردد، وانظر ما جاء عن الحسين بن علي رضي الله عنه في قنوت الوتر. وهذه الرواية مقيدة بقوله: "في القنوت". وصحح إسناد هذه الرواية محقق سنن الدارمي (٢/٩٩٢) .
أمّا رواية الثوري فأخرجها عبد الرزاق في المصنف (٣/١١٨، تحت رقم ٤٩٨٥) مختصراً، بلفظ: "أن يقول في القنوت" وأحمد في المسند (الرسالة ٣/٢٤٧، رقم ١٧٢١) ، بلفظ: "أن يقول في الوتر"، ومن طريقه الطبراني في الكبير (٣/٧٥، رقم ٢٧٠٦) مطولاً، وفي كتاب الدعاء مقتصراً على دعاء القنوت، (٢/١١٤١، تحت رقم ٧٤١) ، وأبونعيم في الحلية (٩/٣٢١ وقد وقع في السند عنده أخطاء طباعة صوّبتها من تقريب البغية بترتيب الحلية ١/٣١١، رقم ٨٣٦) ، بلفظ: "في الوتر".
أمّا رواية موسى بن عقبة فأخرجها الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٣، تحت رقم ٢٧٠١) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٤٠، تحت رقم ٧٤٠) ، والحاكم في المستدرك (علوش ٤/١١٤، تحت رقم ١١٤) . ولفظ الرواية مقيد ب: "في الوتر".
أمّا رواية زياد بن خيثمة فقد أخرجها الطبراني في كتاب الدعاء (٢/١١٤١، تحت رقم (٧٤٢) ، وحسّن إسناده محقق كتاب الدعاء.
أمّا رواية أبي بكر بن عياش فقد أخرجها الطبراني في كتاب الدعاء، (٢/١١٤١، تحت رقم ٧٤٣) . وفي السند يحي الحماني عن أبي بكر بن عياش، والحماني ضعيف كما في التقريب.
أمّا رواية سليمان بن قرم الضبي عن أبي إسحاق، فأخرجها أبو علي الحسن بن محمد البكري، في كتابه الأربعين حديثاً، الحديث السادس والعشرون، ص١٢٥، وسليمان بن قرم قال ابن حجر رحمه الله في التقريب: "سيء الحفظ يتشيع"اهـ
وجاء الحديث من طريق يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن بريد به؛ أخرجه أحمد في المسند (الرسالة ٣/٢٤٥، رقم ١٧١٨) ، وأبوداود في مسائله لأحمد عن أحمد بن حنبل ص٩٧، ومحمد بن نصر المروزي في مختصر قيام الليل ص١١٧، تحت رقم (٥٦) ، ص١٤١ تحت رقم (٦٢) ، وابن الجارود (٢٧٢) ، وابن خزيمة (٢/١٥١، تحت رقم ١٠٩٥) ، والطبراني في الكبير (٣/٧٧، تحت رقم٢٧١٢) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٤٣، تحت رقم ٧٤٧) . وقيد لفظ الراوية هنا بقوله: "في قنوت الوتر"، وفي رواية "إذا قمت في القنوت في الوتر فقل ... "، وفي رواية: "ألا أعلمك كلمات تقولهن عند القنوت" كذا ذكر هذه الروايات محمد بن نصر في كتابه. وصحح إسناد هذه الرواية صاحب غوث المكدود بتخريج المنتقى لابن الجارود (١/٢٣٨) ، ومحققو مسند أحمد (الرسالة) .
وجاء من طريق الحسن بن عمارة عن بريد به؛ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٣/١١٧، تحت رقم ٤٩٨٤) ، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٦، تحت رقم ٢٧١١) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٤٣، تحت رقم ٧٤٦) . وهي طريق ضعيفة جداً لأن الحسن بن عمارة متروك الحديث كما في التقريب. وعند عبد الرزاق زيادة لم يذكرها الطبراني.
وجاء من طريق شعبة بن الحجاج عن بريد به؛ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٥، تحت رقم ٢٧٠٧) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٤٢، تحت رقم ٧٤٤) . وقيد الدعاء في هذا الطريق بلفظ: "في الوتر"، وصحح إسناد هذا الطريق الألباني في إرواء الغليل (٢/١٧٣) .
وجاء من طريق العلاء بن صالح عن بريد به؛ أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء (٢/١١٤٤، تحت رقم ٧٤٨) ، وموضع الدعاء مقيد فيه بلفظ: "في قنوت الوتر". وحسّن إسناد هذا الطريق محقق كتاب الدعاء. وجاءت روايات مطلقة لم تقيد الدعاء بموضع، من طريق العلاء بن صالح أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٦، تحت رقم ٢٧٠٩) لكنه ذكر طرف الحديث ولم يتم لفظه، والبيهقي (٢/٢٠٩) وساق لفظه. وسند هذا الطريق حسن لذاته،. والمتن صحيح لغيره.
فهؤلاء تابع بعضهم بعضاً في رواية الحديث عن بريد بن أبي مريم به، ووقع في روايتهم تقييد موضع الدعاء بالوتر أو القنوت، أو قنوت الوتر. والحديث من هذه الطرق صحيح.
وجاء الحديث من طريق أبي زيد الزراد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنه؛ رواه الربيع بن ركين عن أبي (زيد) الزراد عن أبي الحوراء به، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٧، تحت رقم ٢٧١٣) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٤٤، تحت رقم ٧٤٩) ، عن الربيع بن ركين عن أبي زيد به. قال الطبراني في كتاب الدعاء (٢/١١٤٤) : "أبو زيد هو عبد الملك بن ميسرة"اهـ قلت: وهو ثقة، ورسمه في كتاب الطبراني: "أو يزيد" وفي كتب التراجم "أبو زيد"، وهو ما أثبته. وضعف هذا السند الألباني في الإرواء (٢/١٧٥) ، وقال: "هذا سند ضعيف علته الربيع هذا وهو ابن سهل الركين. قال الدارقطني وغيره: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بثقة". فالطريق ضعيف؛ لكن يشهد لمتنه ما جاء في طريق الحديث عن بريد عن أبي الحوراء عن الحسن رضي الله عنه، فيرتقي إلى درجة الحسن لغيره.
وجاء الحديث من طريق موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي رضي الله عنهما؛ أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١/٣٠١، تحت رقم ٤١٥) ، وفي السنة له (١/٢٦٨، تحت رقم ٣٨٤) ، والطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٣، تحت رقم ٢٧٠٠) ، وفي المعجم الأوسط (٤/١٦٩، تحت رقم ٣٨٨٧) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٣٨، تحت رقم ٧٣٥) ، وابن مندة في كتاب التوحيد (٢/١٩١، تحت رقم ٣٤٣) ، والحاكم (علوش ٤/١٦٤، تحت رقم ٤٨٥٣) ، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٤/٧١٨، تحت رقم ١١٧٨) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/٣٨_٣٩) . وقال الطبراني في الأوسط عقب إخراجه للحديث: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا موسى بن عقبة، ولا رواه عن موسى بن عقبة إلا ابن أخيه إسماعيل بن إبراهيم، تفرّد به: ابن أبي فديك. ولا يروى عن عائشة عن الحسن بن علي إلا بهذا الإسناد"اهـ. وقد أشار الحاكم رحمه الله إلى الاختلاف على موسى بن عقبة، فقال بعد إخراجه للحديث: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة في إسناده"، ثم ساقه من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي به. قلت: وقد توبع محمد بن جعفر في روايته عن موسى بن عقبة عن بريد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنه، ولم يتابع إسماعيل بن إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي، وإسماعيل قال في التقريب ص١٣٥: "ثقة تكلم فيه بلا حجة"اهـ، قلت: في هذه الرواية اضطراب في تعيين مكان القنوت هل هو قبل الركوع أو بعده، كما سيأتي بعد قليل عند ذكر ألفاظ الرواية التي فيها التقييد، وقد تقدم تخريج طريق موسى بن عقبة عن أبي إسحاق. قال ابن حجر رحمه الله في التلخيص الحبير (١/٢٤٨) بعد إيراده للحديث من طريق إسماعيل بن موسى عن موسى بن عقبة هشام عن أبيه عن عائشة، عند الحاكم، قال: "تنبيه: ينبغي أن يتأمل قوله في هذا الطريق: "إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود" فقد رأيت في الجزء الثاني من فوائد أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني تخريج الحاكم له، قال: ثنا محمد بن يونس المقري، قال: ثنا الفضل بن محمد البيهقي، ثنا أبوبكر بن أبي شيبة المدني الحراني، ثنا ابن أبي فديك، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة بسنده ولفظه: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول في الوتر قبل الركوع ... فذكره، وزاد في آخره: "لامنجأ منك إلا إليك"."اهـ. وضعف هذا الطريق لعلة أخرى الألباني في ظلال الجنة (٣٧٥) ، ومحقق شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وذكره في الإرواء (٢/١٦٨) ، من طريق ابن منده، وحسّن إسناده، وأشار إلى أن الثابت من لفظه في تحديد محل القنوت، أنه قبل الركوع إذا فرغ من القراءة؛ وذلك لورود حديث عن أُبي بن كعب في ذلك. قلت: لكن الطريق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بأصله شاذ عندي، فلا يثبت من جهته ما تفرّد به، وتعيين أن محل القنوت في الوتر قبل الركوع، مما تفرد به هذا الطريق، نعم ثبت في الطرق الأخرى تعيين محل هذا الدعاء في قنوت الوتر، دون تعيين محله قبل الركوع أو بعده، فلا يثبت ذلك في حديث الحسن بن علي رضي الله عنه، نعم ثبت من حديث غيره. (تنبيه) : وقع سند الحديث من هذا الطريق عند اللالكائي هكذا: "عن أبي المثنى الكعبي عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه ... " بإسقاط "موسى بن عقبة" وهو خطأ من الناسخ أو الطابع، فإن رواية إسماعيل بن إبراهيم لهذا الحديث هي عن عمه موسى بن عقبة، كما هو مثبت عند من خرّج الحديث غير اللالكائي، وإلا فهذا من مناكير أبي المثنى، فإنه منكر الحديث كما في التهذيب (١٢/٢٢١) .
وألفاظ الرواية التي فيها التقييد: جاء الحديث مقيداً بقوله: "دعاء القنوت في الوتر" عند ابن أبي عاصم في السنة، والطبراني، وبقوله: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود: اللهم اهدني ... " عند الحاكم والبيهقي، وبقوله: "إذا فرغت من قراءتي فلم يبق عليّ إلا الركوع" عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، وابن مندة في التوحيد؛ من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي رضي الله عنهما. فالطريق شاذة، وفي متنها اضطراب في تحديد محل القنوت.
وجاء الحديث مقيداً بأنه في الوتر من طريق يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: "عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فِي الْوِتْرِ قَالَ: قُلْ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ"؛ أخرجه النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، حديث رقم (١٧٤٥) ، واللفظ له، وأخرجه النسائي في كتاب فضائل القرآن (المفرد) ص٨٤، تحت رقم ١٢٦، بنفس السند، وليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وفي السند علتان يضعف بها، الأولى: الانقطاع؛ عبد الله بن علي هذا ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب (٥/٣٢٥) : "روايته عن الحسن بن علي لم تثبت، وهي عند النسائي من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي؛ فإن كان هو صاحب الترجمة فلم يدرك جده الحسن بن علي، لأن والده علي بن الحسين لما مات عمه الحسن رضي الله عنه كان دون البلوغ"اهـ. العلة الثانية: الاختلاف علي موسى بن عقبة فالرواية هنا عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي، وفي التي قبلها عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي، وتقدمت روايته عن أبي إسحاق عن بريد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي. وتفرد يحي بن عبد الله بن سالم عن موسى بن عقبة بقوله: عن عبد الله بن علي، وبزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. انظر التلخيص الحبير (١/٢٤٨) . قلت: فهذا الطريق ضعيف، وفي متنه زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه لا شاهد لها في الطرق الأخرى.
وقد جاء الحديث بذكر الدعاء دون تقييد لموضعه عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنه:
من طريق شعبة عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء به؛ أخرجه أبوداود الطيالسي ص١٦٣، تحت رقم (١١٧٩) ، احمد بن حنبل (الرسالة ٣/٢٤٨، تحت رقم ١٧٢٣، ٣/٢٥٢، تحت رقم ١٧٢٧) ، والدارمي في سننه (١٦٣٢) ، والبزار في المسند (٤/١٧٥، تحت رقم ١٣٣٦) ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١/٣٢، تحت رقم ٤١٦) ، وأبويعلى في مسنده (١٢/١٢٧، تحت رقم ٦٧٥٩، ١٢/١٣٢، تحت رقم ٦٧٦٢) ، والدولابي في الذرية الطاهرة النبوية ص٨٠، تحت رقم ١٣٤ وابن خزيمة (٢/١٥٢، تحت رقم١٠٩٦) ، وابن حبان (الإحسان ٢/٤٩٨ حديث رقم (٧٢٢، ٣/٢٢٥، حديث رقم٩٤٥) ، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٤/٧١٦، حديث رقم ١١٧٥) . قال البزار عقب روايته للحديث: "وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه عن النبي بهذا اللفظ إلا الحسن بن علي"اهـ. وصحح إسناد هذا الطريق محقق الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان (٣/٢٢٥) ، ومحققو مسند أحمد (٣/٢٤٩) ، ومحقق سنن الدارمي (٢/٩٩٢) . ويلاحظ أنه قد ثبت تقييد موضع الدعاء بقوله: "في الوتر"، من نفس الطريق عن شعبة عن بريد به، انظر مخرج روايات الحديث عن بريد بن أبي مريم به التي فيها تقييد الموضع.
ومن طريق أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء به؛ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٤، تحت رقم ٢٧٠٤) ، وفي كتاب الدعاء (٢/١١٣٩، تحت رقم ٨٣٨) ، من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن بريد عن أبي الحوراء عن الحسن رضي الله عنه، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١/٣٠٤، تحت رقم ٤١٧) فقد أورد ابن أبي عاصم سند الحديث ثم أحال في متنه على لفظ الحديث من رواية شعبة، وليس فيه ذكر التقييد، فقال بعد أن ساق سند الحديث من طريق شريك عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن رضي الله عنه قال: "فذكر الحديث". فإن صح قولي هذا فبها، وتكون لشريك عن أبي إسحاق روايتان رواية مطلقة، وهي هذه ورواية مقيدة (انظر طرق الحديث عن أبي إسحاق السبيعي عن بريد) وإلا فإن لفظ التحويل: "وذكر الحديث"، قريب من قولهم " بنحوه" وليس كقولهم: "مثله". وعليه لا تكون رواية شريك عن أبي إسحاق في الآحاد من مخارج الرواية المطلقة. لكن يُلاحظ أنها جاءت مقيّدة بقنوت الوتر من نفس الطريق، انظر مخارج الروايات عن أبي إسحاق السبيعي.
ومن طريق العلاء بن صالح عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء به؛ أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (٣/٧٦، تحت رقم ٢٧٠٩) لكنه ذكر طرف الحديث ولم يتم لفظه، والبيهقي (٢/٢٠٩) وساق لفظه، وفي السنن الصغرى له (١/١٧٠) . وسند هذا الطريق حسن لذاته،. والمتن صحيح لغيره. ولكن جاء تقييد موضع الدعاء بقوله: "في قنوت الوتر" من نفس الطريق، وانظر تخريجها عند ذكر مخارج الروايات عن بريد بن أبي مريم.
العلل التي أعل بها الحديث، والجواب عنها:
وقد أعل الحديث بالعلل التالية:
١) أن شعبة رواه مطلقاً، وهو أحفظ من الذين رووه مقيداً.
٢) أنه ورد ما يؤيد ذلك في الروايات التي فيها أن بريداً سمع ابن عباس ومحمد بن علي في الخيف يقولان: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت بهؤلاء الكلمات في قنوت الفجر والوتر".
٣) أن أبا إسحاق السبيعي اختلط بأخرة.
قال أبو بكر ابن خزيمة رحمه الله (صحيح ابن خزيمة ٢/١٥١١٥٣، باختصار) : "ولست أحفظ خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر. ...
وقد روي عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه دعاء يقوله في قنوت الوتر. ...
وهذا الخبر رواه شعبة بن الحجاج عن بريد بن أبي مريم في قصة الدعاء ولم يذكر القنوت ولا الوتر ...
وشعبة أحفظ من عدد مثل يونس بن أبي إسحاق.
وأبو إسحاق لا يعلم أسمع هذا الخبر من بريد أو دلسه عنه اللهم إلا أن يكون كما يدعي بعض علمائنا أن كل ما رواه يونس عن من روى عنه أبوه أبو إسحاق هو مما سمعه يونس مع أبيه ممن روى عنه.
ولو ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالقنوت في الوتر أو قنت في الوتر لم يجز عندي مخالفة خبر النبي ولست أعلمه ثابتا"اهـ.
قال ابن حجر رحمه الله (في التلخيص الحبير (١/٢٤٧٢٤٨) ، باختصار وتصرف يسير) : "قلت: ويؤيده أن الدولابي رواه في الذرية الطاهرة له والطبراني في الكبير من طريق الحسن بن عبيد الله عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء به وقال فيه: وكلمات علمنيهن فذكرهن قال بريد فدخلت على محمد بن علي في الشعب فحدثته فقال صدق أبو الحوراء هن كلمات علمناهن نقولهن في القنوت وقد رواه البيهقي من طرق قال في بعضها قال بريد بن أبي مريم فذكرت ذلك لابن الحنفية فقال إنه للدعاء الذي كان أبي يدعو به في صلاة الفجر. ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر أيضا.
وروى البيهقي أيضا من طريق عبد المجيد بن أبي رواد عن بن جريج عن عبد الرحمن بن هرمز وليس هو الأعرج عن بريد بن أبي مريم سمعت بن الحنفية وابن عباس يقولان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات.
ورواه من طريق الوليد بن مسلم وأبي صفوان الأموي عن بن جريج بلفظ يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح ورواه مخلد بن يزيد عن بن جريج فقال في قنوت الوتر.
وعبد الرحمن بن هرمز يحتاج إلى الكشف عن حاله فقد رواه أبو صفوان الأموي عن بن جريج فقال عبد الله بن هرمز والأول أقوى"اهـ.
والجواب عن هذه العلل فيما يلي:
أ) ثبت بسند صحيح عن شعبة رواية الحديث مقيداً بالقنوت في الوتر. كما تراه في مخارج طرق الحديث عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
ب) أن هناك غير شعبة روى الحديث مرة مقيداً ومرة بغير قيد، مما يدل على أن الحديث مروي على الوجهين؛ فهناك أبوإسحاق السبيعي والعلاء بن صالح كلاهما رويا هذا الحديث عن بريد مرة مقيداً ومرة مطلقاً.
ج) أن الطرق المتعددة لهذا الحديث تثبت أن أبا إسحاق السبيعي لم يتفرد بهذا التقييد لموضع الدعاء في الحديث، فقد وافقه على ذلك: يونس بن أبي إسحاق السبيعي، الحسن بن عمارة، وشعبة بن الحجاج نفسه، والعلاء بن صالح كلهم عن بريد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي به، فيه ذكر تقييد موضع الدعاء بقنوت الوتر.
د) ويزيد الأمر وضوحاً أن الروايات التي جاءت عن ابن عباس ومحمد بن علي (ابن الحنفية) ، تؤكد أن الدعاء يقال في قنوت الوتر؛ إذ يقال تنزلاً: سلمنا أن الرواية المرفوعة جاءت بدون تقييد موضع الدعاء أو تعيينه، لكن هذه الرواية عن ابن عباس ومحمد بن علي: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت بهؤلاء الكلمات في صلاة الصبح وفي الوتر بالليل"، وهي تفيد أن هذا الدعاء يقال في قنوت الوتر، فعاد أمر الدعاء إلى تقييده بقنوت الوتر. فهذه الروايات تؤيد القول بثبوت التقييد في الروايات ولا تنفيه.
هـ) وتدليس أبي إسحاق السبيعي هنا مأمون، فقد تابعه كما رأيت جماعة على رواية الحديث عن بريد بن أبي مريم. وكذا ما ذكر من أنه ساء حفظه للحديث فشك فيه فرواه "عن حسن بن علي أو حسين بن علي"؛ فإنه لا يؤثر في ثبوت الحديث لأنه توبع متابعة تامة في روايته عن بريد عن أبي الحوراء عن حسن بن علي، تابعه شعبة ويونس بن أبي إسحاق، والعلاء بن صالح والحسن بن عمارة، وتوبع متابعة قاصرة من غيرهم، في روايته عن الحسن بن علي، فدل ذلك أن روايته للحديث من مسند الحسين بن علي شاذة والمحفوظ روايته من مسند الحسن بن علي رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>