للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن الله عز وجل خلق الإنسان وفطره على الإيمان ومنحه من السمع والبصر والعقل ما ميزه عن سائر الحيوان، ولم يجعله معصوماً عن الزلل والخطأ والعصيان، بل ابتلاه بما قد يوقعه في المخالفة والعصيان؛ من النفس الأمارة بالسوء والهوى ومكائد الشيطان، لهذا فتح له باب التوبة لتمحيص الذنوب والآثام، فقال عز وجل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ( [الزمر: ٥٣، ٥٤] ، وقال عز وجل: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ( [طه: ٨٢] ، يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار (١) ، يوفق عبده للتوبة، ويقبلها منه كما قال عز وجل في سورة التوبة: (ثم تاب عليهم ليتوبوا ( [التوبة: ١١٨] ، أي: وفقهم للتوبة ليتوبوا، وقال عز وجل: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ( [الشورى: ٢٥] .

ويفرح عز وجل بتوبة عبده فرحاً أشد من فرح رجل ضلت عنه راحلته التي عليها طعامه وشرابه، فلما أيس منها نام تحت شجرة ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذا هي واقفة بين يديه ولجامها في يده (٢) .

بل إنه عز وجل وهو الخالق الملك المدبر المنعم المتفضل الذي لا يجب عليه شيء لخلقه أوجب على نفسه التوبة تفضلاً منه وكرماً وامتناناً، فقال عز وجل في سورة النساء: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ( [النساء: ١٧] .


(١) لحواشي والتعليقات

() سيأتي تخريجه في الحاشية رقم (٨٦) .
(٢) سيأتي تخريجه في الحاشية رقم (٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>