وإذا صدق العبد ربه بالتوبة والإنابة إليه سبحانه تاب عليه، بل وبدل سيئاته حسنات كما قال عز وجل: (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ( [الفرقان: ٧٠] ، فلله الحمد والمنة على فضله وكرمه ولطفه ورحمته وجميل عفوه.
وسأتناول في هذا البحث: الكلام عن التوبة وشروطها، وممن تقبل؟ ومتى؟ وذلك من خلال الكلام على قوله تعالى في سورة النساء: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيما (إلى قوله: (أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً (.
وسأتكلم أولاً عن تفسير هتين الآيتين وبيان مفرداتهما ومعناهما، ثم أتبع ذلك باستنباط ما فيهما من الفوائد والأحكام مع تفصيل القول في ذلك.
والله أسأل أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *
قال الله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً (.
صلة الآية بما قبلها:
لما بين الله عز وجل في الآية السابقة أنه يقبل التوبة ممن تاب وأناب إليه في قوله: (فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيماً (ذكر في هذه الآية من تقبل منهم التوبة وهم الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب.
معاني المفردات والجمل:
قوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعلمون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب (كقوله تعالى: (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ( [النحل: ١١٩] . وكقوله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ( [الأنعام: ٥٤] .