للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (إنما التوبة على الله (إنما أداة حصر (١) . ويقال لها: كافة ومكفوفة.

لأن "ما" دخلت على "إنَّ" التي تنصب الاسم وترفع الخبر، فكفتها عن العمل، ف "ما" كافة، و"إنّ" مكفوفة.

(التوبة) :مبتدأ مرفوع.

(على الله) "على" حرف جر، ولفظ الجلالة مجرور، متعلق بمحذوف خبر، تقديره: مستحقة على الله أو واجبة على الله.

(للذين) : متعلق بما تعلق به "على الله" (٢) ويحتمل أن يكون هو الخبر.

والتوبة من الله تنقسم إلى قسمين:

توفيقه لعبده أن يتوب.

كما قال تعالى: (ثم تاب عليهم ليتوبوا ( [التوبة: ١١٨] ، أي: وفقهم للتوبة ليتوبوا (٣) .

والثاني قبولها منه، كما قال تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ( [الشورى: ٢٥] ، وقال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ( [طه: ٨٢] ، ويجمعهما قوله تعالى: (وأنا التواب الرحيم ( [البقرة: ١٦٠] .

وهي من العبد: الرجوع والإنابة إلى الله عز وجل، والإخلاص له مع الإقلاع عن المعصية والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، وأن تكون في وقتها المناسب (٤) .

ومعنى (على الله) أي: التزم بها عز وجل وأوجبها على نفسه (٥) ، تفضلاً منه ورحمة، ومنَّةً منه وكرماً (٦) .

كما قال تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ( [الأنعام: ٥٤] .

وقال تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيءٍ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ( [الأعراف: ١٥٦] .


(١) انظر "المحرر الوجيز" ٤/٥١. والحصر هو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.
(٢) انظر: "البحر المحيط" ٣/١٩٨.
(٣) انظر: "مدارج السالكين" ١/٣٤٩ ٣٥٠.
(٤) انظر: "مدارج السالكين" ١/٣٤٢ ٣٤٣.
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ٥/٩١، "بدائع الفوائد" ٢/١٦١ ١٦٢.
(٦) انظر "التفسير الكبير" ١٠/٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>