للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«الذين» اسم موصول معطوف على اسم الموصول الذي قبله في قوله: (للذين يعملون (أي: وليست التوبة أيضاً للذين يموتون وهم كفار، أي: تخرج أرواحهم من أجسادهم وهم مازالوا على الكفر (١) . وفي عطف هؤلاء على من تيئيس لمن يحضرهم الموت وهم يعملون السيئات من قبول التوبة، فكما لا تقبل التوبة ممن يموتون على الكفر لا تقبل ممن يحضرهم الموت وهم يعملون السيئات.

والكفر في الأصل: الستر، ومنه يقال للزارع كافر؛ لأنه يستر البذر في الأرض، قال تعالى: (كمثل غيث أعجب الكفار نباته ( [الحديد: ٢٠] ، أي: الزرّاع.

وهو نوعان: كفر أكبر مخرج من الملة موجب للخلود في النار، وكفر أصغر لا يخرج من الملة وهو موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت» (٢) .

والكفر الأكبر خمسة أنواع: كفر تكذيب وجحود، وكفر استكبار وإباء مع التصديق، وكفر إعراض، وكفر شك، وكفر نفاق (٣) .

والمراد بالتوبة بالنسبة للذين يموتون وهم كفار: ندمهم بعد الموت وتقطع قلوبهم حسرات على تفريطهم أيام الحياة، لأن من مات انقطع عمله، فلا توبة تقبل منه ولا عمل، لأن دار العمل هي الدنيا. أما الآخرة فهي دار الجزاء. قال تعالى: (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ( [محمد:٣٤] .


(١) وقيل: المراد الذين يحضرهم الموت وهم كفار فلا تقبل توبتهم في هذه الحال عند حضور الموت، والظاهر أن هؤلاء يدخلون تحت قوله: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن (أما قوله: (ولا الذين يموتون وهم كفار (فالمراد بهم الذين يموتون على الكفر. انظر: «المحرر الوجيز» ٤/٥٧، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/٩٣.
(٢) أخرجه مسلم في الإيمان ٦٧.
(٣) انظر: «مدارج السالكين» ١/٣٧٦ ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>