للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله (قال إني تبت الآن) .

أي: قال في هذه الحال حال حضور الموت واليأس من الحياة: إني تبت الآن. فهؤلاء لا تنفعهم التوبة في هذه الحال (١) ، لأن توبتهم توبة اضطرار لا اختيار، كما قال تعالى عن فرعون: (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ( [يونس: ٩٠، ٩١] .

وقال تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ((٢) [غافر: ٨٤، ٨٥] ، وقال تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ( [المؤمنون: ٩٩، ١٠٠] .

قال الحافظ ابن كثير (٣) : «فأما متى وقع الإياس من الحياة وعاين الملك، وحشرجت الروح في الحلق، وضاق بها الصدر، وبلغت الحلقوم وغرغرت النفس صاعدة في الغلاصم (٤) فلا توبة متقبلة حينئذ ولات حين مناص ... كما قال تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده (الآيتين. وكما حكم تعالى بعدم توبة أهل الأرض إذا عاينوا الشمس طالعة من مغربها، كما قال تعالى: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً (] الأنعام:١٥٨ [. قوله تعالى: (ولا الذين يموتون وهم كفار (الواو حرف عطفو «لا» زائدة من حيث الإعراب مؤكدة من حيث المعنى.


(١) انظر: «جامع البيان» ٨/٩٨، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/٩٣.
(٢) انظر: «التفسير الكبير» ١٠/٦ ٧، «مدارج السالكين» ١/٣١٧ ٣٢٠.
(٣) في «تفسيره» ٢/٢٠٨.
(٤) الغلاصم: جمع غلصمة وهي رأس الحلقوم والموضع الناتئ في الحلق، وقيل: اللحم بين الرأس والعنق. انظر: «لسان العرب» مادة «غلصم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>