للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (١) : «فمن عصى الله فهو جاهل أيا كان، ومن أطاعه فهو عالم، ولهذا قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء (فكل عالم يخشاه، فمن لم يخش الله فليس من العلماء، بل من الجهال قال ابن مسعود: «كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار به جهلاً» وقال رجل للشعبي: أيها العالم فقال: إنما العالم من يخشى الله» .

٥ أن من معاني الجهل: السفه وعدم الرشد في الدين، لأن المراد بقوله (بجهالة) بسفه وعدم رشد، كما قال تعالى: (ومن يرغب من ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ( [البقرة: ١٣٠] .

وقال تعالى: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين ( [الأنعام: ١٤٠] .

وليس معنى الجهالة في الآية الجهل ضد العلم، لأن التوبة تقبل ممن عمل السوء عالماً بالإجماع (٢) ، كما قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعوا أحسن ما أنزل من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ( [الزمر: ٥٣ ٥٥] .

بل إن من شرط المؤاخذة على الذنب كون مرتكبه عالماً بأنه ذنب ومعصية، لأن الجاهل غير مؤاخذ كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا (قال الله في الحديث القدسي: «قد فعلت» (٣) .


(١) في «مجموع الفتاوى» ١٦/١٧٨ ١٧٩.
(٢) انظر: «التفسير الكبير» ١٠/٤.
(٣) أخرجه مسلم في الإيمان ١٢٦، والترمذي في التفسير ٢٩٩٢ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>