للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كانت المعصية التي فعلها جهلاً أوخطأً من باب الإخلال بالمأمور، فعليه أن يأتي بما أخل به أو بما يجبره، فمن ترك التشهد الأول في الصلاة مثلاً فعليه أن يأتي به ما لم يستتم قائماً، وإلا جبره بسجود السهو، ومن أخل بالطمأنينة في الصلاة فعليه أن يعيدها بطمأنينة، كما قال صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «ارجع فصل فإنك لم تصل» (١) .

وإن كانت المعصية التي ارتكبها جهلاً أو خطأً، من باب ارتكاب المحظور كحلق الشعر بالنسبة للمحرم فلا شيء عليه إلا في القتل خطأ فإن القاتل تلزمه الكفارة حقاً لله تعالى، وإن كان غير آثم، كما يجب عليه التوبة، وكذا كل من عمل معصية من ترك مأمور أو انتهاك محظور، وإن كان ذلك خطأ لقوله في كفارة القتل الخطأ: (فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً ( [النساء: ٩٢] ، أما ما كان من حقوق الآدميين فلا يسقط بحال، بل يجب عليه أداؤه وإن كان إتلافه له جهلاً منه أو خطأ (٢) .

٦ وجوب المبادرة إلى التوبة لقوله: (ثم يتوبون من قريب (أي: قبل حضور الموت، وإذا كان الإنسان لا يدري متى يحضره الموت، ويفجأه الأجل، فالواجب عليه المبادرة بالتوبة حتى لا يأتيه الموت على غرة، وهو مقيم على المعصية.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» .

وكان ابن عمر يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك» (٣) .


(١) أخرجه البخاري في الأذان ٧٥٧، ومسلم في الصلاة ٣٩٧ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» ١٨/٢٥٨ ٢٥٩.
(٣) أخرجه البخاري في الرقاق ٦٤١٦، والترمذي في الزهد ٢٣٣٣، وابن ماجه في الزهد ٤١١٤، من حديث ابن عمر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>