للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٣ أن الله عز وجل شرع التوبة لعباده عن علم منه وحكمة، وذلك لضعفهم أمام نوازع الشر، ووفق بعلمه وحكمته للتوبة من شاء منهم، وخذل من شاء فلم يوفقه لها لقوله: (وكان الله عليماً حكيماً (.

١٤ أن الكمال في اجتماع العلم والحكمة. فالعلم وحده لا يكفي، بل قد يضر إذا صاحبه طيش وعجلة، والحكمة وحدها لا تكفي بدون العلم، بل قد تضر إذا صاحبها الجهل. ولهذا وصف الله عز وجل نفسه بأكمل الكمالين، وهو اجتماع العلم والحكمة، وكمال كل منهما وتمامه، فقال: (وكان الله عليماً حكيماً (.

١٥ بلوغ القرآن الكريم الغاية في الإيضاح والبيان، لأن الله عز وجل حصر التوبة في الذين يعملون السوء بجهالة، ثم يتوبون من قريب. ومفهوم هذا أن من استمر على عمل السوء حتى حضره الموت ليس له توبة، وتوكيداً لذلك وزيادة في البيان والإيضاح جاء التصريح بهذا المفهوم بقوله تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن (.

١٦ أن التوبة تنقطع بحضور الموت، لقوله تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ((١) .


(١) وما جاء في حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله» الحديث أخرجه البخاري في التفسير ٤٦٧٥، ومسلم في الإيمان ٢٤، والنسائي في الجنائز ٢٠٣٥، وأحمد ٥/٤٣٣.
... فالمراد بقوله: لما حضرت أبا طالب الوفاة، أي: قربت وفاته، وحضرت دلائلها، وذلك قبل المعاينة وقبل النزع، ولهذا كان أبو طالب يحاور النبي صلى الله عليه وسلم. أما بعد رؤية الملائكة والشروع في النزع فلا تقبل التوبة. انظر: «شرح صحيح مسلم» ١/١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>