للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (١) .

لأن التوبة في هذه الحال توبة اضطرار لا اختيار، فلا تنفع صاحبها. كما تنقطع التوبة بطلوع الشمس من مغربها كما قال عز وجل: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً (.

قال ابن القيم (٢) : «وأما إذا وقع في السياق، فقال: إني تبت الآن لم تقبل توبته، ذلك لأنها توبة اضطرار، لا اختيار، فهي كالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها ويوم القيامة، وعند معاينة بأس الله» .

فتجب المبادرة إلى التوبة والحذر من التسويف مادامت التوبة ممكنة وبابها مفتوحاً، قبل غلق الباب وطي الكتاب، وهذا هو أحد شروط التوبة، وهو أن تكون في وقتها الذي تصح فيه، وذلك أن شروط التوبة خمسة:

الشرط الأول: الإخلاص لله تعالى، بأن تكون التوبة صادقة نصوحاً، ابتغاء وجه الله، وطلب مرضاته ومحبته، والخوف من عذابه، لا رياءً، ولا سمعةً، ولا خوفاً من مخلوق، ولا لغرض دنيوي ونحو ذلك، قال تعالى: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ( [التحريم: ٤] ، والإخلاص شرط في جميع الأعمال، قال تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعباده ربه أحداً ( [الكهف: ١١٠] .

وقال تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» (٣) .


(١) أخرجه الترمذي في الدعوات ٣٥٣٧، وابن ماجه في الزهد ٤٢٥٣ من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وحسنه الألباني.
(٢) في «مدارج السالكين» ١/٢٨٣ ٢٨٤، وانظر: «مدارك التنزيل» ١/٣٠٢.
(٣) أخرجه مسلم في الزهد والرقائق ٢٩٨٥، وابن ماجه في الزهد ٤٢٠٢ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>