للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرط الثاني: الإقلاع عن المعصية، وتركها والبعد عنها، فإن كان فيها حق لآدمي من دم أو مال أو غير ذلك، وجب رده إليه أو استحلاله منه. قال صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئاته فطرحت عليه» (١) . وإن كان حق عرض من غيبة أو نميمة استحله منه إن أمكنه ذلك ولم يخشَ شراً بسبب ذلك، فإن لم يمكنه ذلك أو خشي أن يحصل شر بسبب إعلامه بذلك خاصة إذا عرف أنه لم يعلم بذلك؛ استغفر له، وأثنى عليه بخير في المواضع التي اغتابه فيها.

ومن هنا يعلم أن رد حقوق الآدميين لا يعتبر شرطاً مستقلاً كما يذكره بعض أهل العلم بل إنه داخل ضمن شرط الإقلاع عن المعصية، إذ كيف يعد مقلعاً عن المعصية من كانت حقوق الناس عنده.

فإذا كان صاحب الحق قد مات رد ذلك الحق إلى ورثته فإن لم يمكن رده تصدق به عنهم واستغفر للميت، ومن الإقلاع عن المعصية الاعتراف والإقرار، قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «إن كنت ألممت بشيء فأقري، فإن الاعتراف توبة» (٢) .

الشرط الثالث: الندم على فعل المعصية بحيث يحس بحرقة وحزن وأسى في نفسه على ارتكابه هذه المعصية، ويود أنه لم يفعل ذلك، ولا يكون تائباً من كان عديم المبالاة بما ارتكب من معصية الله.

وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الندم توبة» (٣) .

الشرط الرابع: العزم الأكيد في نفسه على ألا يعود إلى تلك المعصية بحيث يصمم ويعزم على ألا يرتكب تلك المعصية مرة ثانية.


(١) أخرجه البخاري في الرقاق ٦٥٣٤، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري في التفسير ٤٧٥٠.
(٣) أخرجه ابن ماجه ٤٢٥٢، وأحمد ١/٣٧٦، وصححه أحمد شاكر برقم ٣٥٦٨، وصححه الألباني. انظر: «صحيح الروض» ٦٤٤، «صحيح سنن ابن ماجه» ٣٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>