للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن أضمر في نفسه أنه سيعود إليها فلا يعد تائباً، لأن فعله هذا استهزاء ومخادعة لمن يعلم السر وأخفى، لكن لو تاب وعزم على ألا يعود إلى المعصية لكن غلبه شيطانه وهواه ونفسه الأمارة بالسوء فعاود المعصية مرة ثانية فتوبته الأولى صحيحة لكن عليه أن يجدد التوبة من معاودته للمعصية، وهكذا كلما وقع في المعصية فعليه تجديد التوبة ما لم يضمر العودة إليها فلا توبة له. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولو تاب العبد، ثم عاد إلى الذنب قبل الله توبته الأولى، ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب تاب الله عليه أيضاً، ولا يجوز للمسلم إذا تاب، ثم عاد، أن يصر، بل يتوب، ولو عاد في اليوم مائة مرة» (١) .

الشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقتها قبل حضور الموت وغلبة المرء على نفسه وبلوغ الروح الحلقوم، وقبل طلوع الشمس من مغربها. أما الأول فلقوله تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن (. وقوله: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ( [غافر: ٨٤، ٨٥] . وقال تعالى: (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * ألآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ( [يونس: ٩٠، ٩١] .

وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (٢) .

وأما الثاني: وهو طلوع الشمس من مغربها فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» (٣) .


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» ١٦/٥٨.
(٢) سبق تخريجه في الحاشية رقم (٧٧)
(٣) أخرجه أبوداود في الجهاد ٢٤٧٩، والدارمي في السير ٢٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>